دعا مشاركون في ندوة افتراضية نظمها، المركز الجهوي للاستثمار لجهة مراكش-آسفي، يوم الثلاثاء، إلى الانتقال نحو اقتصاد أخضر مستدام، وذلك، على الخصوص، عبر تقوية الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وسعى هذا الحدث، الذي نظم في موضوع “الاستثمار الأخضر .. فرص وآفاق”، ضمن لقاءات المركز الجهوي للاستثمار، إلى إبراز مختلف التدابير المتخذة من قبل مختلف الفاعلين العموميين والخواص، في إطار مبادراتهم الرامية إلى النهوض بالانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، وكذا عروض وفرص الاستثمار الأخضر، المتاحة على صعيد جهة مراكش – آسفي.
وقال المدير العام للوكالة المغربية للنجاعة الطاقية، السيد سعيد ملين، بالمناسبة، إن “الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر لم يعد ترفا، بقدر ما أصبح ضرورة”، مشيرا إلى أن كافة القطاعات باتت معنية ومدعوة إلى التوجه نحو نموذج أخضر، “ليس لأنه موضة، ولكن لأن الزبناء يطلبونه”.
وأوضح السيد ملين أنه يتعين على المصدرين الوطنيين أن يكونوا، من الآن فصاعدا، في انسجام مع التزامات الميثاق الأخضر الأوروبي، الذي يحدد أهدافا لتقليص انبعاثات الكربون وتنويع الباقة الطاقية لمختلف أنواع الطاقة، مؤكدا أن المملكة انخرطت مسبقا في انتقال طاقي، يروم تطوير الطاقات المتجددة.
ودعت المديرة العامة للتكتل الصناعي الشمسي “كلوستر صولير”، السيدة فاطمة الزهراء الخليفة، في هذا الاتجاه، إلى تظافر جهود مختلف الفاعلين لإحداث “منظومة خضراء مستدامة”، لاسيما مع اقتراب تنظيم مؤتمر (كوب 26)، وفي سياق الميثاق الأوروبي الأخضر، وخاصة النموذج التنموي الجديد، الذي يضع التنمية المستدامة في صلب الانشغالات.
وأوضحت السيدة الخليفة أنه “من أجل المساهمة في هذه الخطوة، تعمل جمعيتنا على تقوية كفاءات مختلف الفاعلين (المقاولات الصغرى والمتوسطة، والمقاولات الصغيرة جدا، والمقاولات الناشئة …)، وذلك عبر تكوين خاص في مجال الطاقات المتجددة، وتوفير المواكبة، والدعم التقني، واليقظة والذكاء الاقتصادي”، مبرزة إقبال المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا والمقاولات الناشئة على التكنولوجيا الخضراء.
وتمثل شركة “ميكا” (بلاستيك) نموذجا حيا على هذا الإقبال، وهي مقاولة منخرطة في مكافحة التلوث البلاستيكي، حيث أشار أحد مؤسسيها، السيد سعيد بنحميدة، إلى أنه “بالنسبة لنا، نحاول المشاركة في التغيير في إطار منطق مفاده أن كافة المشاريع الصغيرة بإمكانها المساهمة في رفع تحدي الانتقال الطاقي”.
وأوضح السيد بنحميدة أن “المقاولات لن تستطيع البقاء، إلا إذا كانت مقاولات اجتماعية، تحترم البيئة، وذات مردودية”، كاشفا أن هذا المشروع بدأ في مدينة الصويرة، حيث “نشتغل مع العديد من الفاعلين، لاسيما المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من أجل نقل قطاع إعادة تدوير النفايات البلاستيكية من القطاع غير المهيكل إلى القطاع المهيكل.
من جانبه، تطرق السيد يوسف شقور، الرئيس المدير العام “لكيليمانجارو للبيئة” وأحد مؤسسي المقاولة الناشئة “إنفيكو-للبيئة”، إلى مشروع “موغاغرين” الذي يتمثل في التقليص من الكربون بمدينة الصويرة، وخلق فرص عمل خضراء، وتشجيع الإدماج الاجتماعي، وصياغة نموذج اقتصادي مستدام يمكن استلهامه.
وأوضح أن هذا المشروع، الذي يستهدف مولدات للنفايات من المصدر (20 ألف أسرة، و20 مؤسسة تعليمية، و300 مهني)، يطمح إلى النهوض بالصويرة، كمدينة مبتكرة ومستدامة، وانخراط الساكنة في مقاربة إيكولوجية مسؤولة، وإحداث مجموعة من العاملين في مجال إعادة التدوير و50 منصب شغل مباشر، وإرساء منصة للفرز الثانوي والمعالجة القبلية، وكذا توطين نموذج مبتكر وتكنولوجي لتدبير وتثمين النفايات.
وفي ما يتعلق بالجانب المالي، اعتبرت السيدة غيثة حنان، عن مؤسسة التمويل الدولية، التابعة لمجموعة البنك الدولي والمخصصة للقطاع الخاص، أن الانتقال الأخضر يمثل فرصة لاستثمار 265 مليار دولار بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في أفق 2030، من ضمنها ثلث موجه إلى إنتاج الطاقة المتجددة، فيما نسبة 64 في المائة موجهة إلى البنايات الخضراء، وإلى وسائل النقل، والنجاعة الطاقية الصناعية، ونقل وتوزيع الكهرباء، وحلول تدبير النفايات.
وأوضحت السيدة غيثة حنان، في هذا الاتجاه، أن مؤسسة التمويل الدولية وضعت منتجات خاصة لمواكبة المشاريع المستدامة بالمغرب، عبر القيام بمواكبة حكومات وشركات عمومية (وطنية ومحلية) في إعداد وتطوير مشاريع شراكات بين القطاعين العام والخاص، ودعم الجماعات الترابية، بفضل عرض تمويل (دون ضمانة سيادية)، وكذا مجموعة من خدمات الاستشارة والدعم التقني، ومصاحبة الفاعلين الخواص والعموميين في إصدار أدوات تمويل مستدامة ومبتكرة.
وشكلت النسخة الرابعة للقاءات المركز الجهوي للاستثمار، المنظمة من قبل المركز الجهوي للاستثمار لجهة مراكش – آسفي، مناسبة لإجراء نقاش مفتوح وبناء حول الوسائل الكفيلة بضمان انتقال ناجح نحو اقتصاد أخضر مستدام.
يذكر أن النسخة الأولى من هذا الموعد الشهري كانت قد تناولت موضوع “الاختلاط بالمقاولة كرافعة للأداء والاستدامة”، فيما انصبت النسخة الثانية على النسيج الصناعي بالجهة وقوة الانتعاش الاقتصادي للقطاع الصناعي في سياق الجائحة.
وتناولت النسخة الثالثة من هذه اللقاءات موضوع “السياحة الإيكولوجية .. صمود، إنعاش وإعادة ابتكار في جهة مراكش – آسفي”.