الأكاديميات الجهوية للتعليم والاسئلة البرلمانية بين الهدف الدستوري وإلتزام الحكومة.

محمد التكناوي

اعلن شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الاولي والرياضة، في مراسلة موجهة لمديري الاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، تحت عدد 21-1111- صادرة بتاريخ 28 دجنبر 2021 ، عن الاجراءات والتدابير التي يتعين اتخاذها للأجوبة على الاسئلة البرلمانية، حيث استحضرت رزنامة من الترتيبات، المتعلقة باحترام الآجال المحددة للأجوبة، ومضمون عناصرها، وكيفية تنسيق هذه العملية…… .


و طبعا هذا المقال ليس قراءة مسحية لهذه المراسلة ، ولكنه محاولة للكشف عن مقصديتها والسياق الفكري العام الذي اكتنفها، هي اعتبارات يجب في اعتقادي استحضارها لفهم البناء المستعمل في المراسلة.


فكما هو في علم الجميع فالمؤسسة التشريعية بمجلسيها، مجلس النواب ومجلس المستشارين، تمارس الرقابة الدستورية اعتمادا على الية الاسئلة الشفهية والكتابية اساسا، وأيضا في اطار اللجن الدائمة من خلال اشغال لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، ولجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، اضافة الى اللقاءات الثنائية.
و تبعا لذلك تحظى الاسئلة البرلمانية، باهتمام خاص من طرف مصالح وزارة التعليم لاعتبارات عديدة يمكن اجمالها في ثلاثة نقط:
اولا: ضرورة وفاء الوزارة بتعهدها الاخلاقي والسياسي المتمثل في التصريح الحكومي كتعاقد سياسي بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، وكتعاقد اخلاقي مع المواطنين من خلال ممثيلهم في مجالات الخدمات الاجتماعية خاصة قطاع التعليم.
ثانيا: احترام السلطة التنفيذية الممثلة في وزارة التربية الوطنية والتعليم الاولي والرياضة، للمؤسسة التشريعية ودورها في الرقابة من خلال الاسئلة الشفهية والكتابية، لتدبير الوزارة للشأن التربوي وطنيا وجهويا واقليميا، وتتبعها لمختلف الانشطة التي تقوم بها الوزارة.
وثالثا: التزام الوزارة بالحوار والتشاور مع نواب والمستشارين، باعتبارهم سلطة رقابة وتتبع واقتراح تستمد شرعيتها من تمثيلية المواطنين، بحيث تعكس اسئلتهم حاجيات المواطنين وتطلعاتهم واستشراف افاق الخدمات التربوية لفائدة ابنائهم.
وطبيعي جدا ان تفرض هذه المعطيات، بناء جسور للثقة بين البرلمانيين والقائمين على قطاع التعليم، بما يجعل ابواب الوزارة ومعلوماتها مفتوحة في وجههم، من خلال تمكينهم من كل ما يحتاجونه من معلومات وارشادات وتوجيهات.
وهذا يقتضي ايضا رسم خطة تواصلية متكاملة، في اتجاهيين وبشراكة مع المؤسسة التشريعية، وهو الكفيل بان يرقى بالعمل البرلماني الى مصف الشريك الحقيقي والفعال، والذي لا غنى عنه من اجل انجاح مشروع الاصلاح المتضمن بمقتضيات القانون الاطار .51.17 ، ببنوده ومراسيمه التنظيمية وتحدياته، فالبرلمانيين مدعوون الى اعطاء عمليات المراقبة الدستورية ، التي يمارسونها باسم اسمى قانون في الدولة، نوع من الاجرأة والعقلانية، و الترشيد بالعمل ، من خلال التنسيق بين المستشارين والنواب حتى لا يقع نوع من التكرار بين الغرفتين في الاسئلة، وفي اجتماعات اللجن ربحا للوقت والمجهود.


والعقلنة بجعل الاسئلة اسئلة اجرائية واضحة وهادفة تتميز بوحدة الموضوع بناء على معطيات ثابتة وسليمة، وبصيغة اخرى ضرورة توخي ان يصيب السؤال هدفا واحدا وبارزا عوض التعتيم والغموض، اما النجاعة فنتوخى منها تحقيق الهدف الدستوري من السؤال وهو اثارة انتباه الوزارة ليكون رد فعلها ازاء الخلل وبالتالي اثارة انتباهها، الى مكامن النقص ان وجدت قصد تصحيح الخلل وتقويم الوضعية، وذلك بتبني كل اليات التتبع والتنفيذ.


وهذا ما يتطلب اشراك النواب على مستوى الجهات والاقاليم في وضع المخططات التنفيذية والاستراتيجيات الاساسية للتقدم بالتعليم وذلك باشراكهم الفعلي في القوة الاقتراحية لدى الوزارة وفي مختلف الهياكل التنظيمية للجسم التعليمي.
وعلى العموم ، فالدولة مدعوة لتحسيس كل القوى الفعالة في المجتمع بأهمية الانخراط في الورش الاصلاحي الكبير الذي يخوضه المغاربة من اجل اصلاح التعليم، واكيد ان البرلمانيون يشكلون راس الرمح بقوة الاقتراح الدستورية علاوة على قوة المراقبة التي يضطلعون بها، و هم ايضا مدعوون الى النزول من ابراجهم العاجية الى الميدان في الاقاليم والجهات من اجل الانخراط العملي في عملية البناء بناء المدرسة المغربية القادرة على مواجهة كل التحديات.