على هامش سؤال للتعليم العالي الموجه من طرف فريق الاتحاد المغربي للشغل بالغرفة الثانية حول إشكالية العلاقة بين الادارة والنقابة وواقعة الصراع ومحاربة العمل النقابي في الحرم الجامعي عبر تقارير كيدية تستهدف المسؤولين النقابيين المنتمين لذات النقابة، رد وزير التعليم العالي السيد الميراوي على السؤال بجواب إذا تأملنا مضمونه وجدناه يحمل خاصيتين متناقضتين، الأولى تغييب المرجع القانوني للإستدلال على مسار تقييم آداء الموظفين بالموضوعية اللازمة من أجل ضمان تكافؤ الفرص وعدم الشطط في استعمال السلطة التقديرية ودمقرطة المرفق العمومي وكلها آليات لاتخلو الخزانة التشريعية من نصوص مؤطرة لها.
لكن يبدو ان الوزير ليس لديه الوقت لتعزيز مرافعته بشق قانوني يعفينا من اللغط وكثرة الكلام، ولحد علمي فالميراوري ليس من الأشخاص الذين تستهويهم فنون الكلام . لكل ذلك نتساءل، ما الدافع لتغييب الشق القانوني في الرد ؟ أما الخاصية الثانية فاعتبرها صراحة صادمة كون السيد الوزير بمناسبة وبدونها لايتوانى في الافصاح عن مرجعيته الفرنسية بقصد وبدون قصد و إبراز هذه المقومات ضدا على الدستور.
لقد جاء في تعقيبه على السؤال بالحرف حيث قال مستدلا على موضوعية التنقيط لدى إدارته ومفندا كل الإدعاءات : “لسنا في برنامج “جاك مارتان” حيث يرفع الاطفال الحاضرين لوحات تنقيط بها عشرة على عشرة” استدعاء هذا المثال خارج السياق له ابعاد خطيرة.
ومن حقنا التساؤل لماذا مثال فرنسي بالضبط لاسقاطه على حالة ذات مضمون مواجهة وصراع بين نقابة ومؤسسة؟ وكيف يستقيم ان نجعل مستوى التقييم لمرحلة طفولية يغلب عليها الجانب العاطفي أكثر من المنطق على وضعية بها مواجهة يطبعها الصراع بين إدارة ومكون نقابي واعي بمسؤولياته ومدافع عن حقوق منخرطيه؟ وهنا لابد من الإشارة أن المقاربة مختلة منهجيا تحتاج لتصويب. (فكلام العقلاء منزه عن العبث) كما يقولون.
فالتدخل المفرغ من السند القانوني المعتمد على الحشو ينسفه من الداخل. ومادام وزيرنا يحن لعصره الطفولى ويريد منا غصبا ان نرافقه لاستحضار فقرات هذا البرنامج الشيق ( école des fans مدرسة المعجبين). لأذكره أننا كنا من هواة متابعته.
لكن أتساءل مع نفسي لأرد على هذا المثال الأعرج وفي نفس السياق .من منا لم يشاهد حلقاته الممتعة على القناة الفرنسية الخامسة التي تستضيف الأطفال الصغارمن أجل قياس مواهبهم في التعبير عن مشاعرهم بحضور آبائهم حيث يجري المنشط المعروف جاك مارتان حوارات شيقة خارجة عن المألوف تنمي لدى الطفل جرأة الطرح والتفاعل مع احداث ومواقف أمام الجمهور وهي تجربة لاشك انها تساهم في بناء شخصية الطفل.
لاشك أن البرنامج يحظى بنسبة مشاهدة واسعة خارج رقعة فرنسا للقيمة الفنية التي يحظى بها والاهداف التي رسمها في مخطط وهندسة الرقي بمستوى تفكير الأسرة بما يناسب خصوصية العائلة الفرنسية. فرغم شهرته وارقامه الخيالية فلا يعني بالضرورة أن نجاحه في محضنه الأصلي يضمن تسجيل حضور ونجاح في بيئات أخرى مختلفة تماما عن بيئته المحتضنة.
جواب السيد الوزير يشبه لحد بعيد الصورة الكاريكاتورية التي قدمتها القناة الثانية في تجربتها الفاشلة مع (ايكو) الذي يتمتع بمحدودية في الثقافة اصلا فيما تغيب عنه ثقافة الطفل بخصوصياتها البالغة التعقيد التي ليست في متناول الجميع .
الأفكار الناجحة هي التي نستطيع جعلها قادرة ومنسجمة مع خصوصية البيئة المستقبلة رغم اختلافها الشديد وليس بنموذج (كوبي كولي) وبشكل ببغائي كما يفعل الوزير المحترم .