تطبيقات الزواج.. وجه آخر للجرائم الإلكترونية

أضحت تطبيقات الزواج منصات حديثة تربط بين الأفراد الباحثين عن شريك الحياة، لكنها في المقابل تشكل وجهًا جديدًا للجرائم الإلكترونية.

هذه الظاهرة تطرح إشكاليات تقنية وقانونية تتطلب التأمل والدراسة، خاصة في ظل التقدم التكنولوجي المتسارع.

من الناحية التقنية، يواجه مستخدمو هذه التطبيقات مخاطر كبيرة. فقد يكون مطورو التطبيقات غير متمكنين تمامًا في مجالي الأمن السيبراني والبرمجة، ما يفتح المجال أمام ثغرات أمنية خطيرة.

هذه الثغرات قد تؤدي إلى اختراق البيانات الشخصية للمستخدمين، مما يضع خصوصياتهم في مرمى القراصنة. ومن هذه المخاطر أيضًا عدم تطبيق آليات المصادقة بشكل صحيح، مما يسهل على المخترقين انتحال هويات المستخدمين.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لبعض التطبيقات طلب أذونات للوصول إلى الكاميرا، الميكروفون، أو نظام تحديد المواقع (GPS)، ما يمنح فرصة أكبر للمخترقين للسيطرة الكاملة على الأجهزة.

وتتفاقم المشكلة عندما تُخزن البيانات الشخصية للمستخدمين بطريقة غير آمنة، حيث يمكن بيع هذه البيانات في الأسواق المظلمة على الإنترنت، مما يعرض الضحايا لخطر الاحتيال أو الابتزاز. هذه التطبيقات، التي غالبا ما تُدار من قبل فرق صغيرة أو أفراد ذوي خبرة محدودة، تُعد بنكًا ضخمًا للمعلومات الحساسة، وهو أمر مغرٍ للمخترقين.

أما من الناحية القانونية، فقد وضع المشرّع المغربي القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية. يُلزم هذا القانون مسؤولي التطبيقات باتخاذ إجراءات تقنية وتنظيمية لحماية البيانات من التلف أو الضياع أو السرقة.

ويحدد عقوبات صارمة تصل إلى السجن والغرامة لكل من يخرق هذه الضوابط، سواء بجمع البيانات بطرق غير مشروعة أو بعدم تأمينها بشكل كافٍ.

ويتضمن القانون أيضًا إلزامية السرية المهنية وضمان سلامة معالجة البيانات، وهو ما يضع مسؤولية كبيرة على مطوري التطبيقات لضمان بيئة آمنة للمستخدمين. ومع ذلك، فإن غياب الالتزام بهذه المتطلبات يجعل هذه التطبيقات عرضة للاستغلال الإجرامي.

وفي ظل هذه التحديات، تصبح الثقافة الأمنية ضرورة لا غنى عنها، ينبغي على كل مستخدم تعزيز وعيه بكيفية حماية بياناته وأجهزته من التهديدات المتزايدة. كذلك يجب على الجهات التنظيمية تكثيف الرقابة وضمان امتثال التطبيقات للمعايير الأمنية والقانونية.

التحول الرقمي لا يُمكن إيقافه، لكنه يتطلب يقظة متواصلة لضمان أن تبقى التكنولوجيا أداة لتحقيق الخير لا مدخلًا لجرائم تهدد الأفراد والمجتمعات.

بقلم: يوسف بن شهيبة باحث في العلوم القانونية

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*