
ايوب زهير
تعيش مصلحة المستعجلات بالمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش وضعا مزريا يكشف عن حجم الاختلالات العميقة التي تنخر المنظومة الصحية بالمغرب، ويعكس واقعا مؤلما يتجرعه المواطنون يوميا وهم يلهثون وراء الحق في العلاج في ظروف تحفظ كرامتهم.

فمنذ ساعات الصباح الأولى، تبدأ طوابير المرضى وأسرهم بالاصطفاف أمام باب المصلحة، على أمل تلقي العناية اللازمة، لكن سرعان ما يصطدمون بجدار من الإهمال والانتظار الطويل والاكتظاظ الخانق. المرافق غير كافية، الأطر الطبية قليلة مقارنة بحجم الوافدين، وحالات الاستعجال الحقيقية تضيع وسط فوضى التنظيم وضعف التنسيق.

الأكثر خطورة في المشهد، هو تفويض عملية فرز الحالات (triage) في بعض الأحيان إلى حراس الأمن الخاص، الذين لا يملكون أي تكوين طبي أو دراية بتقدير خطورة الوضع الصحي للمرضى.

هذا الإجراء الغريب يجعل مصير مريض محتمل أن يكون في خطر، رهينا بـ”تقدير شخصي” من شخص غير مؤهل طبياً. يقول أحد المرتفقين بمرارة: “اللي يقرر واش الحالة مستعجلة ولا لا، ماشي طبيب، ولكن السيكورتي.. واش معقول؟!”
وتتحول قاعة الاستقبال إلى ساحة مشادات كلامية ومشاحنات بين المواطنين الغاضبين وحراس الأمن، بسبب التأخير في التكفل أو رفض استقبال بعض الحالات، ما يؤجج التوتر ويفاقم الإحساس بالإهانة وسط المرضى.
هذا الوضع لا يمكن فصله عن الأعطاب البنيوية التي تعاني منها المستشفيات العمومية من قلة الموارد البشرية والتجهيزات إلى غياب رؤية واضحة لتدبير أقسام المستعجلات التي يفترض أن تكون جبهة متقدمة في خدمة المواطن، لا بؤرة للتوتر والعشوائية.
فهل تتحرك الجهات الوصية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ووضع حد لهذا العبث الذي يُقايض صحة المواطنين باللامبالاة؟ أم سيبقى الوضع على حاله حتى إشعار آخر؟
Be the first to comment