قلعة السراغنة تختنق وسط النفايات.. شوارع تحولت إلى مطارح ومجلس عاجز عن احتواء الأزمة

تعيش مدينة قلعة السراغنة حاليا على وقع أزمة بيئية خانقة، بعد أن تحولت شوارعها وأحياؤها إلى مطارح مفتوحة للنفايات، نتيجة إضراب عمال النظافة التابعين لشركة “أوزون” المفوض لها تدبير القطاع. فمع مرور الوقت، تكدّست الأزبال في كل زاوية، وفاحت منها الروائح الكريهة، في مشهد صادم يعكس فشلًا ذريعًا في التعاطي مع أبسط مقومات العيش الكريم.

من حي النخلة إلى حي السلام، ومن السوق المركزي إلى محيط المدارس والمرافق العمومية، لا تكاد تخلو زاوية من أكوام الأزبال التي تناثرت بشكل عشوائي. قنينات بلاستيكية، فضلات منزلية، وأكياس سوداء ممزقة تنبعث منها عصارات ملوثة، باتت تلازم أرصفة المدينة، مهددة السلامة الصحية للسكان، خاصة الأطفال والمسنين.

ورغم نداءات السكان المستمرة، وتوثيق الواقع بالصوت والصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، لم تُسجل أي استجابة فعّالة من المجلس الجماعي أو السلطات المعنية، الذين اكتفوا بتصريحات باهتة وتحركات خجولة لا ترقى لمستوى الكارثة البيئية القائمة.

يقول أحد سكان حي الزهور: “لم نعد نستطيع فتح نوافذ بيوتنا، الروائح الكريهة لا تطاق، والكلاب الضالة بدأت تنبش في النفايات ليلًا، وكأننا نعيش في مزبلة لا مدينة.” ويضيف آخر: “نطالب برحيل الشركة وبمحاسبة من يعبث بصحة السكان.”

الإضراب جاء على خلفية تأخر صرف أجور العمال لأزيد من شهرين، ما دفعهم إلى تعليق العمل والاحتجاج داخل مستودعات الشركة. وبين مطالب مشروعة للعمال، وصمت رسمي مطبق، وجدت المدينة نفسها ضحية صراع إداري يطال جيوب الفقراء أولا، وبيئة المدينة ثانيا.

هذه الأزمة كشفت بشكل جلي هشاشة نظام التدبير المفوض، وعجز الجهات المسؤولة عن التدخل في الوقت المناسب. فهل ينتظر المجلس المحلي كارثة صحية شاملة كي يتحرك؟ وأين هي الجهات الرقابية والمفتشيات التي من المفترض أن تضمن التزامات الشركة؟

في ظل غياب حل جذري، يستمر سكان قلعة السراغنة في دفع ثمن الإهمال وسوء التدبير، وسط أجواء موبوءة تنذر بما هو أسوأ، ما لم يتم اتخاذ قرارات حازمة تُعيد للنظافة مكانتها وللساكنة كرامتها.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*