
محمد الحجوي
في قلب دوار لَبَانْكَة التابع لجماعة قلعة السراغنة، تتعالى صيحات الاستغاثة يوما بعد آخر، وسط أزمة عطش خانقة حولت حياة الساكنة إلى معاناة يومية. أمام مقر عمالة الإقليم، تقف النساء والأطفال والشيوخ، محمّلين بصبر أثقل من جفاف صنابيرهم، مطالبين بما هو حقٌ دستوري: الماء.

المشكل لم يعد مجرّد انقطاع مؤقت في شبكة التوزيع، بل بات مرضًا مزمناً ينخر البنية الأساسية، ويكشف عن إهمال مؤسسي يتراكم على مدى سنوات. كل صباح، تُجبر الأسر على التنقل مسافات طويلة، تحت شمسٍ لافحة أو في عتمة الليل، بحثًا عن نقطة ماء تروي ظمأهم وتُبقي على ما تبقى من كرامتهم.

ورغم الشكايات المتكررة والوقفات الاحتجاجية، لا تزال الوعود الرسمية حبيسة المكاتب. الساكنة تُحمّل المسؤولية كاملة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، متهمةً إياه بالتقصير في إيجاد حل جذري، في ظل بنية تحتية متآكلة، تجهيزات مهترئة، وغياب تام للصيانة الدورية.

“نعيش كالبهائم، بلا ماء ولا كرامة”، بهذه العبارة المؤلمة لخّصت إحدى السيدات الموقف. في مغرب القرن الحادي والعشرين، لا يزال دوار بأكمله يفتقر إلى أبسط حقوق الحياة. ومع انعدام الحلول، يلجأ السكان إلى شراء الماء من الصهاريج بثمن يفوق طاقتهم، لتُضاف أزمة الماء إلى فواتير الفقر والحرمان.
أمام هذا الواقع المرير، تطالب الساكنة بتدخل فوري يتضمن:
_ إصلاح شامل لشبكة المياه المنهارة.
_ توفير صهاريج ماء مؤقتة بشكل منتظم.
_ فتح تحقيق نزيه لمحاسبة كل من تسبّب في هذه الأزمة.
أين المسؤول؟ وأين الدولة؟
أسئلة تتردّد بقوة في ساحة الاحتجاج، بينما تتصاعد مشاعر الغضب واليأس. هل تنتظر السلطات وقوع كارثة صحية أو بيئية حتى تتحرك؟ أم أن صوت المهمشين لا يصل إلى آذان صناع القرار؟
إن أزمة الماء ليست مسألة خدمات، بل قضية كرامة وعدالة. فحين يصبح الماء – أصل الحياة – عملةً نادرة، فإن الأمر لم يعد يحتمل الانتظار.
قلعة السراغنة اليوم في مواجهة امتحان حقيقي: إما أن تكون مثالاً للإنصات والاستجابة، أو عنواناً جديداً للإهمال الرسمي. فهل من مُجيب؟ أم أن قطرة الماء ستبقى مطلباً مؤجلاً في دوار تُروى فيه معاناة الناس أكثر من عطشهم؟
“من يعطي الماء يُحيي الأمل، ومن يمنعه يُغرق الناس في الجفاف والخذلان.”
Be the first to comment