هل سنشهد محاسبة الوزراء المتورطين في تبديد المال العام؟

تشهد الساحة المغربية ضجة جديدة تتعلق بتبذير المال العام، وهذه المرة بطلها وزارة التعليم العالي التي، وفق ما كشفته جريدة “الأخبار”، أبرمت عقداً بقيمة 62 مليون سنتيم لفائدة تناول وجبات فاخرة في فندق بالرباط، تخص ثمانية أشخاص، من بينهم من لا علاقة لهم بالوزارة. هذه الصفقة تفتح باب التساؤل: هل نحن أمام حساب مفتوح من المال العام لفائدة بعض المحظوظين والمقربين؟ وما خفايا هذه الصفقات التي، إن تم التحقيق فيها، قد تكشف لنا مفاجآت أخرى مثل خدمات المساج والتدليك المجانية؟

تأتي هذه الفضيحة في وقت يعاني فيه الشباب المغربي من ارتفاع نسبة البطالة التي بلغت 14% وفق التقارير الرسمية، في ظل تزايد تكاليف المعيشة، بينما يتضرر المواطن البسيط من أجل تأمين أبسط ضروريات الحياة. وفي المقابل، يستمتع المسؤولون بوجبات فاخرة وإقامات باهظة، دون اعتبار للظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها غالبية الشعب.

أما طلبة الجامعات، فرغم تواضع منحهم التي لا تتجاوز 3000 درهم، فإن البعض منهم يحرم منها بسبب معايير السجل الاجتماعي، حتى وإن كانت حالتهم تستدعي ذلك. وفي وقت لا ترتقي الأحياء الجامعية لأدنى مستويات الكرامة، تتوالى أخبار الترف والبذخ في فنادق فاخرة، التي اختارها بعض المسؤولين بعناية لتعكس سلطة ونفوذاً مستغلين نفوذهم لمصالحهم الخاصة.

هذه ليست المرة الأولى التي تتفجر فيها قضايا تتعلق بالفساد في المغرب، فقد شهدت الساحة الوطنية سابقاً محاكمات لمسؤولين محليين بسبب قضايا مماثلة، مثل محاكمة عمر الجزولي، عمدة مراكش الأسبق، بتهمة تبديد المال العام بعد صرفه مبلغ 54000 درهم لفندق في مراكش لصالح أحد مسؤولي وزارة الداخلية وعائلته. وأيضاً عبد العلي دومو، الرئيس الأسبق لجهة مراكش تانسيفت الحوز، الذي يُحاكم بتهمة صرف أموال عامة دون تحقيق مصلحة للجهة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستتخذ العدالة نفس المسار عندما يتعلق الأمر بوزير سابق أو مسؤول كبير في الحكومة؟ هل سنرى محاكمة لهذا الوزير استناداً إلى قاعدة المساواة أمام القانون؟ أم ستقتصر المحاسبة على صغار الموظفين وبعض المنتخبين الذين انتهت صلاحيتهم؟

في ظل هذه المعطيات، يظل صوت المواطن المغربي يطالب بالتحقيق والمحاسبة لكل من يثبت تورطه في نهب المال العام، دون تمييز بين كبير وصغير، تحقيقاً للعدالة وحمايةً للمال العام.

محمد الغلوسي