
شهد إقليم اليوسفية مؤخراً حالة من الجدل بين مختلف الفعاليات المدنية والفلاحية حول غياب قرار رسمي من السلطات الإقليمية ينظم الزراعات داخل النفوذ الترابي للعمالة خلال الموسم الفلاحي 2024-2025.
هذا النقاش يعكس قلقا عميقا بشأن التداعيات البيئية والاجتماعية الناجمة عن انتشار الزراعات المفرطة في استهلاك المياه، في وقت تواجه فيه المنطقة تحديات متزايدة بفعل التغيرات المناخية وسنوات الجفاف المتتالية.
وعبرت هذه الفعاليات عن الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات حازمة تحدد الزراعات المسموح بها والمساحات المخصصة لكل محصول، بهدف الحفاظ على التوازن البيئي وضمان استدامة الموارد المائية. ويأتي هذا المطلب في ظل انتشار محاصيل مثل الجزر والبطيخ بنوعيه، التي تتطلب كميات هائلة من المياه. واعتبرت هذه الفعاليات أن استمرار هذه الزراعات دون ضوابط يشكل تهديدا مباشرا لجفاف الفرشة المائية في الإقليم، خاصة مع غياب دور فاعل للسلطات المحلية.
كما أثار هذا الوضع انتقادات واسعة، خصوصاً فيما يتعلق بظاهرة الحفر العشوائي للآبار دون ترخيص قانوني، التي أصبحت ممارسة شائعة بتواطؤ مع بعض المسؤولين المحليين، في تجاهل واضح للرقابة الرسمية. هذه الظاهرة التي تفاقمت بسبب نشاط مافيا آليات الحفر “الصوندا”، تهدد بتدمير الموارد المائية، مما يضع المنطقة أمام خطر الجفاف المستدام.
كما عبّر الفلاحون والمهتمون بالقطاع عن استيائهم من غياب قرار واضح ينظم زراعة المحاصيل التي تستهلك المياه بشكل مفرط. وأشاروا إلى أن السلطات المحلية تعتمد أسلوبا غير منظم عبر تغاضي القيادات بشأن زراعة هذه المحاصيل في مناطق متعددة دون إصدار قرارات رسمية، مما يثير تساؤلات حول مدى شفافية المعايير المطبقة.
في المقابل، استشهد المتابعون بتجارب إقليمية ناجحة، مثل عمالة مراكش، حيث أصدر والي جهة مراكش آسفي عامل إقليم مراكش فريد شوراق في 27 دجنبر الماضي قرارا واضحا يحدد المساحات المسموح بزراعتها بالبطيخ والطماطم، مما يعكس نموذجا للإدارة الجيدة للموارد الطبيعية. هذا القرار يأتي كخطوة استباقية لحماية الموارد المائية وضمان التوازن البيئي.
أما في عمالة اليوسفية، فلا تزال السلطات تلتزم الصمت، تاركة المجال مفتوحا لاجتهادات القياد المحليين، وهو ما أتاح لبعض الفلاحين زراعة محاصيل مفرطة الاستهلاك بينما حُرم آخرون، مما أثار اتهامات بالازدواجية في التعامل وغياب الشفافية.
في ظل هذا الوضع، دعت الفعاليات المدنية والفلاحية عامل الإقليم إلى اتخاذ قرار حاسم وفوري ينظم الزراعات بشكل دقيق وواضح. وأكدوا أن التأخر في إصدار مثل هذا القرار قد يعقد الموسم الفلاحي الحالي، مع ما يترتب على ذلك من تأثيرات كارثية على البيئة والموارد المائية، قد تصل إلى التصحر وتهديد الأمن الغذائي.
تأتي هذه الدعوات في وقت تعاني فيه المنطقة من تدهور كبير في الموارد المائية بفعل الجفاف المستمر، ما يجعل التقنين وإدارة الموارد أمراً حتمياً لتفادي أزمة بيئية وزراعية خانقة.
Be the first to comment