قلعة السراغنة.. اقتحامات ليلية وشكايات بالجملة وصمت رسمي يثير الشبهات.

تتواصل فصول التوتر داخل قيادة “أهل الغابة” بإقليم قلعة السراغنة، عقب حادثة اقتحام ليلي مثيرة للجدل، وقعت بتاريخ 8 يناير 2025 حوالي منتصف الليل، حين أقدم قائد السلطة المحلية، مدعوماً بعناصر من القوات المساعدة وعدد من أعوان السلطة، على مداهمة أحد المنازل دون أي إذن قضائي.


عملية الإقتحام أسفرت عن إصابة سيدة بكسور في يدها، وفق شهادة طبية مسلمة من المستشفى الإقليمي السلامة تثبت مدة عجز تصل إلى 25 يوماً، إضافة إلى شهادات شهود عيان، وسط حالة من الذعر والهلع التي عمّت أفراد الأسرة وسكان الجماعة الترابية أولاد الشرقي.

الحادثة، التي وُصفت بأنها انتهاك صارخ للقانون ولحقوق المواطنين، أعادت إلى الواجهة سلسلة من الاتهامات الخطيرة التي تلاحق القائد منذ أشهر، وسط صمت مريب من الجهات المسؤولة.

ورغم تعدد الشكايات والنداءات من قبل ساكنة المنطقة ورؤساء الجماعات المنتخبة، والتي تتحدث عن ممارسات تعسفية، وشطط في استعمال السلطة، وتمييز صارخ بين المواطنين، إلا أن أي إجراء رسمي أو متابعة قانونية لم تُبادر بها السلطات المختصة.

الأخطر من ذلك، أن وثيقة تمجّد تصرفات القائد وتكذّب الشكاية الأصلية _تتوفر الجريدة على نسخ منها_ ظهرت فجأة، وسط تأكيدات بأن مصدرها مكتب القائد نفسه، في صفقة إدارية مشبوهة تم من خلالها منح كاتب الوثيقة تسهيلات إدارية مقابل التستر.

المشهد لا يقتصر على تجاوزات إدارية فحسب، بل يشمل خروقات تمس حقوقًا دستورية، مثل تعطيل منح رخص حفر الآبار لصغار الفلاحين، وهدم مساكن قانونية، ورفض غرس أشجار الزيتون دون سند قانوني، إضافة إلى الغياب المتكرر عن المكتب، والتدخلات غير القانونية في الضيعات، وسط تصاعد جرائم سرقة المواشي دون أي تحرك يُذكر من السلطة المحلية.

اللافت في القضية، والذي يزيد من تأجيج الرأي العام المحلي، هو الصمت المُحير من طرف عمالة الإقليم ووزارة الداخلية، رغم توصلهم بشكايات رسمية موثقة من رؤساء ثلاث جماعات محلية (المربوح، أولاد الشرقي، وميات). ورغم المطالبات المتكررة بفتح تحقيق عاجل، فإن عدم تحريك أي مسطرة قانونية ضد القائد يطرح تساؤلات لاذعة: من يحمي هذا المسؤول؟ ولماذا يُعامل كأنه فوق المحاسبة والقانون؟

مصادر محلية تتحدث عن وجود حماية غير معلنة تحيط بالقائد، ربما بفعل تقاطعات نفوذ داخل الإدارة الترابية أو شبكة علاقات توفر له غطاءً منيعًا ضد أي محاسبة. هذا “الاستثناء الإداري” يثير شبهات حول غياب العدالة الإدارية، ويطرح تساؤلات عن مدى نزاهة أجهزة الرقابة الداخلية، خاصة عندما تصل الشكايات من جهات منتخبة تمثل الساكنة، وتُقابل بالتجاهل والتجميد في الأدراج.

الفضيحة لم تعد مجرد حديث ساكنة محلية غاضبة، بل تحولت إلى قضية رأي عام محلي، وسط مطالبات حقوقية وإعلامية متزايدة بضرورة إخضاع هذا القائد للمساءلة القضائية والإدارية، ووضع حد لنمط من التسيير يسيء لهيبة الدولة ويضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.

في ظل هذا الواقع، تبقى الكرة في ملعب وزارة الداخلية وعامل الإقليم، إما بالتحرك لفرض القانون ومحاسبة المسؤول، أو الاستمرار في سياسة الصمت، بما يعزز قناعة المواطن بأن هناك مسؤولين فوق القانون، مهما بلغ حجم التجاوزات والضرر.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*