اليوسفية بين تحديات التوسع الصناعي وأزمة السكن.. هل تدرك السلطات حجم التحدي؟

كريم الزهراوي

تواجه مدينة اليوسفية مرحلة حرجة تستلزم تضافر الجهود واستباق التحولات المستقبلية، خاصة في ظل المؤشرات التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط في تقريرها الإحصائي الأخير.

إذ تشير المعطيات إلى أن ما يزيد عن خُمس سكان المدينة (20.5%) لا يمتلكون مساكن ويعتمدون على الكراء، وأن أغلب المساكن الحالية (51.3%) قد تجاوزت مدة إنجازها ما بين 20 و49 سنة، مما يعكس وضعا عمرانيا يعاني من القدم والجمود، في حين تتطلب المرحلة المقبلة دينامية اقتصادية وعمرانية متوازية.

وتأتي هذه الملاحظات في سياق التحولات المرتقبة، وعلى رأسها المشروع الصناعي والكيميائي (MPH) التابع للمجمع الشريف للفوسفاط، بالإضافة إلى ثلاث مناطق صناعية مبرمجة تمتد على مساحة تقارب 770 هكتارا، والتي تحمل في طياتها فرصا للتنمية الاقتصادية وخلق مناصب الشغل.

إلا أن هذه المشاريع، على الرغم من أهميتها، قد لا تحقق الأهداف المرجوة إذا لم تواكبها تخطيطات عمرانية محكمة وفعالة تستجيب لحاجيات السكان الآنية والمستقبلية، وتؤسس لمدينة متكاملة الأبعاد، لا مجرد مناطق صناعية منعزلة عن محيطها الاجتماعي. بل قد تتحول إلى مشاريع تخدم المدن المجاورة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، في حال استقرار اليد العاملة بتلك المدن نتيجة لعدم توفير فرص سكنية للعاملين والموظفين.

وتشير المعطيات إلى أن السوق العقارية في المدينة قد بدأت تتأثر سلبا بغياب التوسع العمراني، حيث سجلت أسعار الكراء والعقار ارتفاعات ملحوظة، مما ينذر بتصاعد الاحتقان الاجتماعي نتيجة للفجوة المتزايدة بين العرض والطلب.

وفي هذا الصدد، يثار تساؤل حول مدى إدراك السلطات المحلية والمنتخبين والإدارات المعنية لحجم التحديات المطروحة.

وهل توجد خطة عمل واقعية لتوجيه التهيئة العمرانية نحو مناطق جديدة داخل النطاق الحضري تستوعب النمو الديموغرافي المتوقع؟

وفي السياق ذاته، تتوفر المدينة على إمكانات عقارية واعدة يمكن أن تحدث تحولا جذريا في المشهد العمراني، لاسيما الأراضي الشاسعة الواقعة في قلب المدينة والتابعة لإدارة السكك الحديدية، والتي تم اقتراحها كحل عملي لتوسيع النسيج الحضري.

وقد سبق أن تم تقديم مشروع تجزئة سكنية باسم (تجزئة الوئام) سنة 2009 خلال زيارة ملكية، وتم تحديد موقعها ضمن تلك العقارات، إلا أنه ظل حبيس التصورات ولم ير النور، مما يثير التساؤل عن أسباب تعثر هذا المشروع الذي وُصف حينها بالاستراتيجي والهام.

وخلاصة القول، إن الرهان على التنمية الصناعية دون تهيئة الظروف الاجتماعية والسكنية الملائمة هو رهان محفوف بالمخاطر. فلا تنمية بدون سكن، ولا اقتصاد بدون استقرار عمراني. وما لم يتم تدارك التأخر في مراجعة وتوسيع مخطط التهيئة بشكل مدروس، ووفق جدول زمني يأخذ في الاعتبار النمو السكاني، فإن المدينة ستواجه تحديا كبيرا يتمثل في توسع اقتصادي يقابله أزمة سكن حادة.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*