قلعة السراغنة.. مدينة تختنق بين تعثر المشاريع وصمت المسؤولين

في رسالة مفتوحة موجهة إلى رئيس الحكومة، تناول الكاتب الإقليمي للحزب الاشتراكي الموحد بقلعة السراغنة الوضع التنموي المتدهور الذي تعاني منه المدينة، مشيرا إلى تعثر العديد من المشاريع الاستثمارية وتدهور البنية التحتية، فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة وضعف الخدمات الأساسية، مما يفاقم من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الساكنة.

وتعاني المدينة من تخبط في برمجة المشاريع وتنفيذها، وغياب آليات المراقبة والمحاسبة، بالإضافة إلى عدم إدراجها ضمن الخطط التنموية الوطنية والجهوية، ما جعلها متأخرة مقارنة بمدن أخرى في الجهة مثل مراكش وبنجرير والصويرة.

وبحسب تقرير “التوطين الخرائطي للمنشآت الاقتصادية” المرفق بالإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، فإن عدد المؤسسات الاقتصادية في قلعة السراغنة لا يتجاوز 4,986 منشأة، أي ما يعادل 3.61% فقط من مجموع المؤسسات الاقتصادية بالجهة، بينما الإقليم بأكمله لا يتجاوز 12,447 منشأة، أي 9% فقط من مجموع مؤسسات الجهة.

أما معدل البطالة، فقد بلغ 23% على مستوى المدينة، و26.8% على مستوى الإقليم، وهي نسب تتجاوز المعدل الوطني البالغ 21.3%. كما أن نسبة النشاط لدى السكان البالغين 15 سنة فما فوق تبقى ضعيفة، خصوصًا بين النساء، حيث لا تتجاوز 6.8% على مستوى الإقليم.

مجموعة من المشاريع الهامة في المدينة توقفت دون مبررات واضحة، رغم رصد ميزانيات ضخمة لها، مما أدى إلى تحول بعضها إلى بنايات مهجورة ووكر للأزبال والحيوانات الضالة. ومن بين المشاريع المتوقفة توسعة مستشفى السلامة الإقليمي، التي انطلقت أشغالها منذ عام 2011 بتمويل من وزارة الصحة والبنك الأوروبي للاستثمار، وكان من المفترض أن تكتمل عام 2014، إلا أن الأشغال توقفت، مما أثر سلبا على الخدمات الصحية المقدمة لأكثر من 600 ألف نسمة.

كما توقفت أشغال المطرح الإقليمي للنفايات، رغم تخصيص أكثر من 10 مليارات سنتيم لإنجازه، وبقيت المدينة تعاني من التلوث الناجم عن المطرح العمومي الحالي. أما بالنسبة للأسواق النموذجية مثل سوق جنان بكار، سوق جنان الشعيبي، سوق الهنا، سوق المرس، والمركز التجاري مولاي إسماعيل، جميعها أنجزت بميزانيات ضخمة لكنها بقيت مغلقة دون استفادة الباعة المتجولين منها.

كما توقف مشروع القرية الصناعية، الذي كان من المفترض أن يضم 600 وحدة صناعية، برصد ميزانية تجاوزت 106 ملايين درهم، لكنه لم يرَ النور رغم مرور أكثر من 7 سنوات على توقيع الاتفاقية.

وفيما يتعلق بالمجال التعليمي، لم يكتمل مشروع النواة الجامعية رغم تخصيص 50 مليون درهم لإنشائها على مساحة 40 هكتارًا منذ عام 2018، ما يحرم طلبة الإقليم من متابعة دراستهم في ظروف مناسبة.

كذلك توقفت أشغال السوق الأسبوعي الجديد، وسوق الجملة والمجزرة البلدية، رغم إنجاز أكثر من 40% من المشروع. أما المركب الثقافي والديني، فقد خصص له مبلغ 80 مليون درهم، لكنه لم يكتمل رغم مرور أكثر من 5 سنوات على انطلاق أشغاله.

كما تعاني المدينة من توقف مشروع إعادة استعمال المياه العادمة لسقي المساحات الخضراء، وأشغال صيانة المسابح البلدية، مما أدى إلى تراجع الخدمات المقدمة للسكان.

إلى جانب توقف المشاريع، تعاني المدينة من هشاشة البنية التحتية، حيث تتآكل الطرق الرئيسية، وتفتقر الإنارة العمومية، وتزداد معاناة السكان بسبب ضعف شبكة الصرف الصحي. كما تراجعت المساحات الخضراء بشكل مقلق في ظل غياب رؤية واضحة للحفاظ عليها.

وفي القطاع الصحي، لا يتوفر الإقليم سوى على مستشفى إقليمي واحد متهالك، يفتقر للتجهيزات الضرورية والأطر الطبية، ما يدفع المرضى إلى التنقل إلى مراكش ومدن أخرى لتلقي العلاج.

فيما لم تلقَ الرسائل والشكايات الموجهة إلى مختلف المؤسسات الرقابية والجهات الحكومية، مثل المجلس الأعلى للحسابات، والمفتشية العامة للإدارة الترابية، ومحكمة جرائم الأموال بمراكش، أي تفاعل أو استجابة من الجهات المعنية.

وأمام هذا الوضع، يُطرح تساؤل حول مستقبل المدينة وما إذا كان سيتم التدخل لإحياء المشاريع المتوقفة وإنقاذها من حالة التهميش، أم ستظل تعاني من الإهمال والتراجع التنموي؟؟

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*