الجديدة تُصارع الفوضى.. هل تُجهض لوبيات العشوائية جهود تحرير الملك العمومي؟

كريمة وادي

رغم الجهود المكثفة التي تبذلها سلطات إقليم الجديدة، بقيادة عامل الإقليم، لإعادة الانضباط إلى الفضاءات العامة، لا تزال مظاهر الفوضى واستغلال الملك العمومي تطغى على المشهد الحضري للمدينة، مما يثير تساؤلات مشروعة حول الأطراف التي تعرقل مسار الإصلاح وتغرد خارج سرب التغيير.

ففي عدد من الأحياء، وعلى رأسها منطقة “النجد 2” ومحيط مسجد “محاسين”، إلى جانب كورنيش المدينة، تتكرر مشاهد احتلال الأرصفة والفضاءات المشتركة من طرف بعض أرباب المقاهي والتجار، الذين يحوّلون الممرات العمومية إلى فضاءات خاصة، دون ترخيص أو احترام للقانون. وتنعكس هذه السلوكيات سلبًا على حق المواطنين في التنقل الآمن، حيث يُجبر الراجلون على تقاسم الطرقات مع المركبات في ظل غياب ممرات واضحة، ما يهدد سلامتهم ويقوّض جودة الحياة داخل المدينة.

ورغم الحملات الدورية التي تقودها السلطات المحلية، إلا أن استمرار هذه الظواهر يكشف عن خلل بنيوي، قد يكون ناجمًا عن تواطؤ غير معلن أو ضعف في التطبيق الصارم للقانون على الجميع دون استثناء. ما يفتح الباب أمام الشكوك بشأن وجود جهات مستفيدة من الوضع الحالي، تعمل على إبقاء الأمور على ما هي عليه، خدمةً لمصالح ضيقة تتعارض مع المصلحة العامة.

وفي الوقت الذي يواصل فيه عامل الإقليم سياسة واضحة المعالم لتحرير الملك العمومي وضمان احترام القانون، تبرز مقاومة صامتة تهدد بتقويض هذه الجهود، خاصة في ظل غياب المتابعة المستمرة وغياب التنسيق الميداني المحكم بين مختلف الأجهزة المعنية.

الساكنة المحلية، من جهتها، تُعبر عن رغبتها القوية في رؤية حملات تحرير الملك العمومي وقد تحولت إلى استراتيجية دائمة، لا مجرد تحركات موسمية. كما تطالب بتوسيع دائرة المراقبة لتشمل المجتمع المدني ووسائل الإعلام المحلية، باعتبارهما شريكين أساسيين في رصد الخروقات وضمان الشفافية والمساءلة.

إن رهان تحرير الملك العمومي بالجديدة لم يعد مسألة تنظيم حضري فحسب، بل أصبح معركة تتطلب إرادة جماعية، وقيادة حازمة، ومشاركة فعالة من مختلف مكونات المجتمع، من أجل استعادة هيبة القانون وصون الفضاءات المشتركة باعتبارها حقًا جماعيًا غير قابل للتفويت.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*