
في خطوة تعكس اهتمام الدولة المتزايد بالأمن الغذائي والاستقرار الفلاحي، أعلنت الحكومة عن تقديم دعم مباشر بقيمة 400 درهم عن كل رأس من الإناث المرقمة، في إطار برنامج وطني لحماية القطيع الوطني من الأغنام والماعز. وتأتي هذه المبادرة كجزء من استراتيجية شاملة لدعم الفلاحين الصغار والمتوسطين، والحفاظ على التوازن البيئي والاقتصادي في العالم القروي.
تهدف هذه المساعدة المالية إلى تشجيع مربي الماشية على ترقيم إناث القطيع، كخطوة أولى نحو التتبع الصحي والبيطري الدقيق، وضمان جودة الإنتاج الحيواني. وتعد عملية الترقيم أداة محورية في حماية الثروة الحيوانية من الأوبئة، والتدخل السريع في حالات الطوارئ البيطرية.
ويشمل البرنامج أيضا مواكبة بيطرية تقنية للمربين، إضافة إلى توفير الأعلاف المركبة بسعر مدعّم، خاصة في المناطق المتضررة من التقلبات المناخية وموجات الجفاف المتكررة التي شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة.
حسب إحصائيات وزارة الفلاحة، يقدر القطيع الوطني بنحو 21 مليون رأس من الأغنام و6 ملايين رأس من الماعز، تشكل مورد رزق مباشر لأكثر من 1.5 مليون فلاح، معظمهم ينتمون إلى الطبقات الهشة. وقد شهدت السنوات الأخيرة انخفاضاً ملحوظاً في الإنتاج الحيواني نتيجة الجفاف وارتفاع كلفة العلف، مما استدعى تدخلاً حكومياً عاجلاً لتفادي تراجع أكثر حدة.
ويُرتقب أن يشمل هذا الدعم الجديد أكثر من 3 ملايين رأس أنثى مرقمة خلال السنة الجارية، ما يعادل غلافاً مالياً يفوق 1.2 مليار درهم.
لا تقتصر أهمية هذا التدخل الحكومي على الحفاظ على القطيع فقط، بل يمتد أثره إلى تأمين فرص الشغل، واستقرار الأسعار في السوق، ودعم الصناعات المرتبطة باللحوم والحليب والصوف. فالرؤية الحكومية تراهن على دمج الفلاحة التضامنية في النموذج التنموي الجديد، وضمان استدامة سلاسل الإنتاج الغذائي المحلي.
يشير خبراء الاقتصاد الفلاحي إلى أن هذا النوع من الدعم ينبغي أن يكون جزءاً من منظومة إصلاح أوسع تشمل توسيع التأمين الفلاحي، وتعميم التغطية الصحية على الفلاحين، ودعم تسويق المنتوج الحيواني داخل وخارج الوطن. فالرهان ليس فقط على إنقاذ القطيع، بل على تثبيت فلاحة قروية صامدة ومربحة.
Be the first to comment