تشهد حديقة مولاي عبد السلام التاريخية، الكائنة أمام قصر بلدية مراكش، حالة من تخريب بيئي مقلق بعد توالي الشكايات التي تتحدث عن قطع أشجار معمّرة واقتلاعها من جذورها واستغلال غير قانوني للموارد الطبيعية داخل الفضاء، في وقت تتولى فيه وكالة اتصالات المغرب مهمة صيانة وتدبير الحديقة بموجب اتفاقية شراكة مع المجلس الجماعي.
وبحسب معطيات ميدانية مؤكدة، فإن عمليات قطع الأشجار واجتثاثها من جذورها تتم من طرف أشخاص يستغلون الحديقة كمصدر للخشب، بينما يتولى حارس أمن “سيكورتي” تابع لاتصالات المغرب بشكل مباشر التنسيق معهم في عملية تجميع وبيع الخشب مقابل مبالغ مالية، ليتم نقله لاحقا بواسطة “تريبورتورات” وشاحنات إلى دوار النزالة بجماعة تسلطانت.
كما أفادت المصادر ذاتها أن الحارس المعني يقوم كذلك بجني ثمار الخروب من الحديقة وبيعها لفائدته الخاصة، في استغلال واضح للموارد الطبيعية العمومية ومخالفة صريحة للمهام الموكلة إليه.
وتظهر أشرطة فيديو تتوفر عليها الجريدة مشاهد لعمليات قطع واجتثاث عدد من الأشجار من جذورها داخل الحديقة، في مشهد يعكس حجم التدهور البيئي الذي يطال هذا الفضاء التاريخي الذي يُعد المتنفس الأخضر الرئيسي للمدينة العتيقة.
عدد من الفاعلين الجمعويين والحقوقيين عبّروا عن استنكارهم الشديد لهذه الممارسات التي وصفوها بـ”الإبادة البيئية الممنهجة”، مطالبين بتدخل فوري من السلطات المحلية والبيئية لوقف هذا النزيف ومحاسبة المتورطين في التعدي على الموروث الطبيعي لمراكش.
يشار إلى أن اتصالات المغرب تشرف على صيانة وتدبير عرصة مولاي عبد السلام في إطار اتفاقية شراكة مع المجلس الجماعي، أبرمت لأول مرة في عهد الراحل عمر الجزولي لمدة عشر سنوات، ثم جُددت السنة الماضية لمدة عشرين سنة إضافية.
وتنص الاتفاقية على التزام الشركة بالحفاظ على الأشجار والغطاء النباتي وصيانة الحديقة كموروث بيئي وتاريخي، غير أن ما يجري حاليا من قطع للأشجار واستغلال للموارد الطبيعية، بحسب شكايات الساكنة، يثير تساؤلات حول مدى احترام هذه الالتزامات، وحول غياب الرقابة والمحاسبة من قبل الجهات المعنية.
وفي ظل تفاقم الوضع، يطالب مواطنون وفاعلون بيئيون وحقوقيون بفتح تحقيق رسمي ومستقل لتحديد المسؤوليات القانونية ومحاسبة كل من يثبت تورطه في الاعتداء على هذه الحديقة التاريخية التي تُعد من رموز مراكش البيئية والثقافية.
