مراكش – ضاعفت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي توجد اليوم في مرحلتها الثالثة (2019-2023)، ونوعت على امتداد السنين، إجراءاتها من أجل تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، لا سيما من خلال تطوير جيل جديد من المشاريع التي من شأنها تثمين الإمكانات المحلية.
ومن الأمثلة البليغة على هذا النهج المبتكر في مدينة مراكش مشروع (إيدير تيك)، والذي بلوره الشاب حمزة البوبكري، بقناعة كبيرة بجدوى وحصافة فكرته، ليتأتى له تكريس حلمه وتطوير وتسويق مشروعه الخاص حول تكنولوجيا تحديد الموقع الجغرافي.
هذا الاقتناع تبلور بشكل سريع بفضل الدعم المالي والتقني للمبادرة ، والتي رسخت نفسها كوجهة مفضلة يتجه نحوها حاملو المشاريع الشباب ليتملكوا مصيرهم والانطلاق من ثمة، في مغامرة مقاولاتية.
ويقترح هذا المشروع الذي كلف مبلغا قدره 214.566 درهما، 100.000 درهم منها مساهمة من المبادرة، ويأتي في إطار برنامج “تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب” للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حلول تحديد الموقع الجغرافي، وفق ما تقتضيه آخر التقنيات في المجال.
وبلور مشروع (إيدير تيك) الذي تم تشييده على مساحة 72 مترا مربعا في قلب المنطقة الصناعية لسيدي غانم ، والذي يوجد في نطاق الخدمة منذ سنة 2021، عرضا للتدبير الجغرافي يتميز بتكيفه مع خصوصيات مهن الزبناء وأنشطتهم التي يطبعها التجوال والحركية.
ويجيب هذا الحل، الذي يتضمن مؤشرات لاستيعاب ، وتحليل، وقيادة أنشطة الأشخاص المتجولين في وقت قياسي، بشكل أساسي عن احتياجات التتبع لمراقبة أسطول المركبات وحسين تدبيره. ويتعلق الأمر بنظام مبتكر لتدبير الأسطول يتأسس على الويب، ومتاح من خلال أي جهاز حاسوب أو جهاز متصل بالإنترنت من خلال نموذج توصيل Saas (البرنامج كخدمة).
وقال الشاب حمزة البوبكري في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه “بفضل الدعم المالي والتقني من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تمكنت من تحقيق حلمي وإنشاء مشروعي الذي يصمم وينشر ويسوق حلا جاهزا لتحديد الموقع الجغرافي يتناسب مع كل مهنة يطبعها التجوال، وتنضبط للقيود الزمنية والتنظيمية”.
وعبر المقاول الشاب عن فخره بمشروعه الذي يقدم حزمة كاملة تشمل مواكبة الشركات لتحديد الحلول الخاصة بها، وتكوين المستخدمين من أجل إتقان استعمال الأداة، وتركيب وتهيئة مختلف الأجهزة على مركباتها، مع إرساء الدعم التقني بالإضافة إلى خدمة الصيانة المادية أو عن بعد.
وعبر السيد بوبكري عن طموحه في تطوير هذا المشروع وهذه التكنولوجيا في المنطقة وفي المغرب برمته، مضيفا أنه لن يدخر جهدا لتوفير كل الظروف لإنجاح مشروعه.
ويهدف برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 3 “تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب” إلى تقديم الدعم والمواكبة لفائدة حاملي المشاريع من أجل تعزيز الإدماج الاقتصادي للشباب والنساء، من خلال منحهم فرص الشغل والتوظيف الذاتي.
وخلال الفترة 2020-2022، تم تخصيص غلاف مالي قدره 78 مليون درهم لتمويل المشاريع المنتقاة في إطار هذا البرنامج على مستوى عمالة مراكش.
وبلغت مساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تمويل هذه المشاريع 41 مليون درهم أي ما يقرب من 52 بالمئة من الكلفة الإجمالية، في حين ساهم حاملو المشاريع الشباب بـ 37 مليون درهم، وفق معطيات قسم العمل الاجتماعي بعمالة مراكش.
ومكن تدخل المبادرة خلال هذه الفترة من إنجاز 334 مشروعا، وإحداث 1096 منصب شغل ومواكبة (في مرحلتي ما قبل التأسيس وما بعدها) لزهاء 438 شخصا (28 بالمئة من النساء)، من أجل تطوير أنشطتهم وفق نهج متكامل يهدف إلى تحسين فرص العمل لفائدة الشباب، وإحداث القيمة على المستوى المحلي وضمان استدامة المشاريع.
ومن شأن هذه المشاريع، التي تركز على القطاعات الإنتاجية والخدمات، المساهمة في إحداث المزيد من فرص الشغل وبلورة قيمة مضافة على المستوى المحلي، من خلال تشجيع إنشاء المقاولات الصغيرة والمتوسطة وتحسين مهارات الشباب.