حين يتحوّل العلاج إلى معاناة.. ماذا يحدث داخل مستشفى محمد السادس بمراكش؟

براهيم افندي

رغم بنيته التحتية الحديثة ومعداته الطبية المتطورة، يعيش المستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش حالة من التردي المزمن، جعلت منه مصدر قلق بدل أن يكون ملاذا للشفاء، وسط تنامي الانتقادات واحتقان متزايد في صفوف المرتفقين.

فالمستشفى الذي كان من المفترض أن يُجسد نموذجا يحتذى به في الرعاية الصحية على المستوى الوطني، تحوّل، حسب شهادات متطابقة من مواطنين وفعاليات مدنية، إلى عنوان لمعاناة يومية ترافق المرضى وذويهم من لحظة الولوج إلى حين الخروج، إن لم تكن النتيجة أسوأ.

ساعات انتظار طويلة، معاملات تتسم بالجفاء والبيروقراطية، خصاص مهول في الموارد البشرية وارتجالية في القرارات الإدارية… كلها مظاهر ترسم صورة قاتمة لمؤسسة استشفائية تعاني من اختناق بنيوي في تسييرها، لا من ضعف في تجهيزاتها.

والأخطر من ذلك، أن حالات استعجالية تُقابل باللامبالاة، وأخرى تُرحَّل مواعيدها إلى آجال غير مفهومة، مما يزيد من معاناة مواطنين جاؤوا من مراكش ونواحيها، بل حتى من مناطق بعيدة، بحثًا عن علاج ينقذ حياةً أو يخفف ألمًا.

في ظل هذا الواقع، تتعالى الدعوات المطالبة بإصلاح جذري، يبدأ من العنصر البشري قبل أي شيء آخر، حيث يُحمِّل كثيرون المسؤولية لعدد من الأطر الإدارية والطبية التي أبانت عن قصور واضح في التسيير، وعدم قدرتها على مواكبة حجم الضغط اليومي، أو تقديم خدمات تحترم كرامة المواطن.

ويطرح المتتبعون أسئلة مشروعة: أين الخلل؟ ولماذا تستمر هذه الوضعية رغم ما خُصّص للمؤسسة من إمكانيات؟ ألم يحن الوقت لإعادة النظر في تركيبة المسؤولين داخل المستشفى؟ وأين هي الكفاءات المغربية التي يمكنها أن تُحدث الفارق وتعيد الاعتبار لهذا المرفق الحيوي؟

وفي سياق دينامية الإصلاح التي أطلقها والي جهة مراكش آسفي في عدد من القطاعات، يعلّق المواطنون آمالا على أن تشمل هذه الروح التصحيحية قطاع الصحة، وعلى رأسه المستشفى الجامعي، الذي لا تنقصه الأجهزة، بل تنقصه النجاعة، والمحاسبة، والإرادة الحقيقية لوضع مصلحة المواطن أولًا.

لأن الصحة ليست ترفا، ولأن مراكش كقطب سياحي عالمي، تستحق مؤسسة استشفائية تليق بمكانتها وتطلعات ساكنتها، بدل أن تظل رهينة صمت رسمي محير، وعجز إداري ينخر جسدها الطبي من الداخل.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*