البرلمان يصادق على مشروع قانون المالية 2020 رغم تحذير حقوقيون ورجال أعمال وهيئات المحامين من خطورتها.

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية ترأسها السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب يوم الأربعاء 11 دجنبر 2019 على مشروع قانون المالية  رقم 70.19 لسنة 2020 في قراءة ثانية بالأغلبية، وبحضور السيد المصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان، والسيد محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، والسيد الحسن عبيابة وزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة.

وبعد التصويت على مواد المشروع كما صادقت عليها لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب والتي سبق تعديلها بمجلس المستشارين، والتصويت على المشروع برمته، قدم السيدات والسادة ممثلوا الفرق والمجموعة النيابية مداخلات لتفسير التصويت طبقا للمادة 153 من النظام الداخلي لمجلس النواب.

وبهذا، يستكمل مشروع قانون المالية لسنة 2020 مسطرة دراسته بالبرلمان، وسيدخل حيز التنفيذ بعد نشره بالجريدة الرسمية. وكان مشروع القانون أحيل على مجلس النواب يوم الجمعة 18 أكتوبر 2019، وصادق عليه مجلس النواب في قراءة أولى يوم الخميس 14 نونبر 2019، وأحيل بعد ذلك على مجلس المستشارين الذي عدل بعض مواده، قبل أن يحال في قراءة ثانية على مجلس النواب بتاريخ 07 دجنبر 2019.

وفي كلمته أمام مجلسي البرلمان بمناسبة تقديم المشروع، أكد السيد محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أن مشروع قانون المالية لسنة 2020 جاء بثلاثة أولويات أساسية، تتمثل في مواصلة دعم السياسات الاجتماعية، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وإرساء آليات الحماية الاجتماعية، وتعزيز الثقة وإعطاء دينامية جديدة للاستثمار ودعم المقاولة.

لقد أثارت المادة 09 من قانون المالية 2020 في المغرب – التي يحذر منها حقوقيون ورجال أعمال وهيئات مدنية المحامين من خطورتها على المقاولات وعلى المواطنين – انقساماً بين أحزاب الحكومة، لا سيما الصديقين حزب «العدالة والتنمية» الحاكم (إسلامي)، وحزب «التجمع الوطني للأحرار» (ليبرالي).

فبعدما صوت فريق العدالة والتنمية في البرلمان بالامتناع على المادة 9 مثار الجدل، أعلن فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين عن «استغرابه بخصوص امتناع فريق حزب العدالة والتنمية داخل المجلس عن التصويت على بعض مقتضيات مشروع قانون المالية 70.19 للسنة المالية 2020، كما وافق عليه مجلس النواب».

وطالب حزب أخنوش من سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، «توضيح ما يجري ويعتمل داخل الأغلبية».

واعتبر بلاغ صادر عن رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين أن هذا التصويت «يخرج عن القواعد المؤطرة للأغلبية الحكومية والعهود التي اتفقت عليها.»

ووصف بلاغ الأحرار هذا تصويت حلفائهم في الحكومة بالسلوك الذي «ينقض في العمق عهود الأغلبية الحكومية، ويناقض جملة وتفصيلاً ميثاقها».

ويرى الناشط الحقوقي عبد الرزاق بوغنبور، أن المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 «أكدت من جديد أن آلة التحكم في مكونات المشهد السياسي والنقابي ما زالت شغالة»، معتبراً أن ما «حدث من مسرحية هزلية سابقاً أثناء التصويت على ما سمي بمخطط (إصلاح نظام التقاعد) قد أعيد إنتاجه من جديد أثناء التصويت على المادة 9 حيث تم توزيع الأدوار من جديد بين ممتنع ومصوت بنعم ورافض لها، في مشهد سريالي يطرح علامات استفهام كبرى عن طبيعة الأحزاب ودورها ومهامها في الدفاع عن مصالح المواطنين.»

وقال بوغبمبور، رئيس «العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان»: «الحزب الذي يقود الحكومة امتنع عن التصويت رفقة حزب الاستقلال الذي كان إلى حدود أمس يعتبر هذه المادة غير دستورية، ويهدد بالتصعيد لإسقاطها، أسند إليه دور الممتنع في المسرحية الهزلية وبلع لسانه، في حين أن حزب الأصالة والمعاصرة (المعارض) أنيطت به مهمة التصويت لصالح هذه المادة، وهكذا دواليك في إخراج سيئ جعل كل الأحزاب والنقابات في وضع حرج أمام مناضليها.»

«والغريب أن هذه المهزلة تزامنت مع الإعلان عن مرحلة التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري»، يقول الناشط الحقوقي، مضيفاً: «وأمام هذا الوضع يطرح السؤال: ما الجدوى من التسجيل في اللوائح الانتخابية، وما الجدوى من الانتخابات في حد ذاتها إذا كانت الأحزاب السياسية يتم التحكم فيها لدرجة تجعلها فاقدة لسلطة اتخاذ القرار؟».

وخلص بوغنبور إلى أن «المادة 9 أسقطت القناع عن الأحزاب والنقابات وعرت مؤخراتها للعموم».

وأدخلت الحكومة تعديلاً على الصيغة الأصلية للمادة التاسعة، حددت فيه للدولة «أربع سنوات لجدولة تنفيذ الأحكام القضائية ضدها»، إذا «كانت اعتماداتها المالية غير كافية». هذا التعديل، يعتبره منتقدوه ورافضوه أنه يمس «باستقلالية القضاء ويخرق الدستور».

جاء هذا رغم الجدل حول المادة التاسعة من قانون المالية 2020، التي تمنع الحجز على أموال وممتلكات الدولة عند تنفيذ الأحكام القضائية، التي يحذر حقوقيون ورجال أعمال وهيئات مدنية المحامين من خطورتها على المقاولات وعلى المواطنين.