حكومة أخنوش تشعل الأسعار


لم يعد المواطنون و المواطنات بالمغرب قادرين على تحمل الغلاء الذي تعرفه المواد الغذائية ، في حين أن الحكومة كعادتها تقابل الوضع بالهروب إلى الأمام دون القدرة على إيجاد حلول مناسبة لمواجهة موجة الغلاء التي ضربت كل المواد الاستهلاكية و تسببت في غليان اجتماعي في أنحاء البلاد .

و لم تستطع الحكومة ضبط آلية الاحتكار والغش التي نشطت في بعض المواد منها الخضر واللحوم الحمراء والدواجن والبيض والأسماك ، وتحاول كعادتها الهروب إلى الأمام بتقديم مبررات غير مقنعة و كأنها لا تعيش واقع المغاربة المعاش . و هي تنتظر الأمطار عساها أن تنقذ دم وجهها وتنتظر من لوبيات الاحتكار والفساد الإفراج عن المواد المهربة.

إنها تخاف من خلخلة مكامن الغش والفساد التي تعرفها القطاعات المرتبطة بالرقابة منها، مصلحة مراقبة الأسعار بالعمالات و مصالح مراقبة الغش بالمصالح الإقليمية لوزارة الفلاحة و الجماعات المحلية . وهي مصالح دائما نائمة تضم مئات الموظفين والموظفات الذين يتقاضون تعويضات مهمة عن المهام التي لا يقومون بها أصلا على أحسن وجه ، طبقا لمقتضيات الظهير الشريف رقم 225-00-1 الصادر في 2 ربيع الأول 1421 (5 يونيو 2000) بتنفيذ القانون رقم 99-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.

و إن ما تقوم السلطات الإقليمية في بعض الأقاليم ما هي إلا إجراءات ترقيعية تزيد من تنامي عملية الاحتكار وارتفاع الأسعار ،لأن الأمر أصبح يتطلب حلولا جذرية وقوية وواقعية للخروج من الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد.

إن الأمر أصبح يتطلب من الحكومة مراجعة القوانين المنظمة لأسواق الجملة للخضر والفواكه والأسماك وتحريرها من جبروت الريع و الامتيازات وسلطته الوسطاء والسماسرة ، حتى تصبح هذه الاسواق تضمن حق العارض وحق المتسوق وراحة المستهلك.

كما تجدر الإشارة، إلى أن أسباب ارتفاع الأسعار المفاجئ هو غياب الحكومة وتخلف المصالح المسؤولة على القطاع من وزارة التجارة الصناعة والخدمات ووزارة الداخلية ووزارة الفلاحة والصيد البحري وترك الأشياء إلى مؤسسات تحولت الى كابوس على المواطنين والمواطنات ولا تتحرك إلا في المناسبات ،و حين تتحرك دائما ما يطبع حركاتها شبهة الرشوة والتمييز .

اما الأسواق الاسبوعية، فإنها هي الأخرى تعيش الفوضى في التنظيم و اختلالات في الرقابة من طرف مصالح العمالات والجماعات الترابية، مما جعل هذه الأسواق تتحكم فيها لوبيات الاحتكار التي تبدع في اساليب التهرب من الضرائب و من أية رقابة ممكنة .

وإن الغريب في الأمر هو أن رئيس الحكومة يتحدث عن استيراد أبقار للذبح من أوروبا من أجل التخفيض من أسعار اللحوم الحمراء ، ولكنه لم يذكر الأسباب التي جعلت المغرب يفقد ثروته الحيوانية من ابقار وأغنام و التي تراجعت بنسبة 70% رغم الملايير التي استهلكها المخطط الأخضر الذي أصبح يعرف بأكذوبة القرن والذي اكتوى به الفلاح الصغير في أول ضربة موجة الجفاف الذي تعرفه البلاد ، ولم يذكر السيد رئيس الحكومة اسباب غلاء المحروقات في بلادنا التي يمتلكها على مستوى الاستيراد و التخزين و التوزيع ، هو وشركاؤه , و التي كانت سببا في بداية ارتفاع الأسعار في البلاد دون مراقبة أو مراجعة وفق السوق العالمية، محققة أرباحا طائلة للسيد الرئيس وشركائه من أصحاب المحروقات، فيما لا زالت تعرف ارتفاعا في الأسعار بشكل عام، رغم ما عرفته السوق العالمية من انخفاض وتراجع أسعار هذه المادة التي احتكرها رئيس الحكومة .

إن اي حل للأزمة تريده الحكومة لن يكون له أثر إيجابي ما لم يكن هناك قرار سياسي استباقي يتجلى في اسقاط هذه الحكومة، حكومة المصالح وأصحاب الشكارة و الشركات و راعية للفساد والمفسدين وناهبي المال العام، و تنزيل ديمقراطية حقيقية يكون فيها ربط المسؤولية بالمحاسبة قاعدة أساسية لتدبير الشأن العام و تثبيت قاعدة عدم الإفلات من العقاب لما له من خطورة على الحياة العامة وعلى سلامة البلاد .

إن حكومة اخنوش لا تملك أية منهجية علمية و عملية للتغيير و لإرساء قواعد تضمن المحافظة على الأسعار حتى لا تعرف اشتعالا مفاجئا في أية لحظة.
بقلم: البدالي صافي الدين