قضية فساد تهز إقليم الحوز.. إحالة مسؤول جماعي على الجنايات بتهم اختلاس وتبديد أموال عامة

قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش إحالة القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، عباس قدوري، على غرفة الجنايات الابتدائية بتهم تتعلق بتبديد واختلاس أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، إضافة إلى التزوير في محررات رسمية واستعمالها، وذلك استنادًا إلى الفصول 241-2، 353، و356 من القانون الجنائي. تعود تفاصيل القضية إلى عام 2022، ومن المنتظر أن تنظر المحكمة في الملف بتاريخ 27 ديسمبر 2024.

الملف يتضمن سلسلة من الاختلالات والتجاوزات التي تعكس استغلالًا واضحًا للوظيفة العمومية. من بين هذه الاختلالات، تم تسجيل غياب الدراسات التقنية القبلية المتعلقة بمشاريع حفر الآبار لتزويد الدواوير بالماء الصالح للشرب، بالإضافة إلى الإشهاد على صحة النفقات وتصفيتها خارج اختصاص المصالح المعنية. كما تم تسليم مشاريع دون إجراء التجارب الفنية المطلوبة وفق دفتر الشروط، مما أثار تساؤلات حول جودة المياه والأشغال المنجزة. كما تضمنت المخالفات تسليم تجهيزات لجمعيات تنشط في دواوير غير مشمولة بالمشاريع، وإعداد محاضر تسلم صورية لتجنب فرض غرامات التأخير على المقاولين.

القضية امتدت أيضًا إلى ملفات مالية وإدارية حساسة، حيث شملت تجاوزات في تدبير النفقات المخصصة لإصلاح الآليات وشراء المحروقات وقطع الغيار، إلى جانب استغلال المقالع التابعة للجماعة بطريقة عشوائية ودون توثيق الكميات المستخرجة. كما تم تسجيل ضعف واضح في مراقبة الإقرارات الضريبية للمؤسسات السياحية ومحلات بيع المشروبات، مع إغفال فرض غرامات على المنشآت غير المصرح بها.

التجاوزات الإدارية طالت تدبير ممتلكات الجماعة، حيث تم تسجيل تنازلات إيجارية غير تنافسية وغياب دفاتر تحملات تنظم العملية، فضلًا عن تناقض بين معطيات السجلات الرسمية والواقع الميداني. كما لوحظ عدم استكمال إجراءات تحفيظ الممتلكات العقارية الخاصة بالجماعة، إضافة إلى الإهمال في منح التراخيص لاستغلال المحلات التجارية.

فيما يتعلق بالتنظيم العمراني، سجلت اختلالات كبيرة، أبرزها منح تراخيص غير قانونية لمؤسسات سياحية تزاول نشاطها دون استيفاء الشروط، إضافة إلى تطبيق أسعار مخالفة للقوانين المتعلقة بالرسوم على عمليات البناء، وغياب الرقابة على البنايات ذات الطابع العام.

على مستوى الموارد البشرية، تم رصد تعويضات إضافية تُمنح لبعض الموظفين دون أي سند قانوني، مع وضع موظفين تحت تصرف جهات أخرى دون تتبع نشاطهم. كما تم تسجيل ارتفاع غير مبرر في نفقات العمال العرضيين، في حين أشار بعضهم إلى أنهم يؤدون خدمات لا تتطلب هذا العدد الكبير من الموظفين. وتم كذلك تسجيل اختلالات في تدبير خدمات سيارات الإسعاف التي تفتقر إلى المعدات الطبية الأساسية.

المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام ندد بهذه التجاوزات، معتبراً أن استمرار مثل هذه الممارسات يعوق جهود التنمية، يتناقض مع التوجيهات الملكية، ويسهم في عزوف المواطنين عن المشاركة الانتخابية. وأعلن المرصد عن تنصبه طرفًا مدنيًا في القضية، مشددًا على ضرورة تعزيز آليات الرقابة والمحاسبة لمكافحة الفساد وحماية المال العام.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*