مونية هاجري
مرة أخرى، تصدر المندوبية السامية للتخطيط أرقامها حول تطور الأسعار في المغرب، معلنة عن “انخفاض طفيف” في يوليوز مقارنة بشهر يونيو. لكن، هل يشعر المواطن فعلاً بهذا الانخفاض؟ الجواب على الأرجح: لا.
فالخضر والفواكه قد تكون تراجعت بعض الشيء، لكن المواطن يواجه في المقابل زيادات في منتجات أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، مثل الحليب ومشتقاته أو المحروقات. وهذه الأخيرة وحدها كفيلة بنسف أي أثر إيجابي للانخفاض المسجل في بعض المواد الموسمية.
الواقع أن غلاء المعيشة لم يعد مجرد أرقام تصدرها المؤسسات الرسمية، بل تحول إلى هاجس يومي يلاحق الأسر المغربية في الأسواق، وفي فاتورة التنقل، وحتى في أبسط حاجياتها. فهل يكفي أن يُقال إن التضخم “تراجع” في ورقة إحصائية، بينما القدرة الشرائية تواصل التآكل أمام أعين الجميع؟
الأكثر إثارة للقلق أن التضخم الأساسي، أي الذي يعكس كلفة المعيشة بعيداً عن تقلبات المواسم أو الأسعار المقننة، يواصل مساره التصاعدي. وهو ما يعني أن الغلاء أصبح بنيوياً، لا عابراً، وأن المواطن يعيش في حلقة مفرغة: انخفاض هنا، وارتفاع هناك، وفي النهاية النتيجة واحدة: جيب أثقل وحياة أكثر صعوبة.
هذا الوضع يطرح سؤالاً ملحاً: ما جدوى كل هذه المؤشرات إذا لم تترجم إلى تحسن ملموس في واقع الأسر؟ الأرقام الرسمية قد تبعث على بعض الاطمئنان في قاعات الاجتماعات، لكنها على الأرض لا تخفف شيئاً من قلق مواطن يحسب كل درهم قبل أن يقرر ما يشتريه.
الخلاصة أن معركة مواجهة غلاء المعيشة لا تُكسب بالبيانات الجافة، بل بالسياسات الملموسة التي تضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار، وتعيد التوازن بين الأجور والأسعار. وإلا سيظل السؤال يتردد: إلى متى سيبقى المواطن المغربي مجرد رقم في معادلة التضخم؟















