تقرير _ الحجوي محمد
في خطوة استثمارية وتنموية كبرى تمهد لاستضافة بطولة كأس العالم 2030، أعلنت المملكة المغربية عن عقد صفقة تاريخية لتطوير وتحديث شبكتها الوطنية للسكك الحديدية. تشمل الصفقة شراء وتوريد 168 قطاراً جديداً متطوراً من ثلاث شركات عالمية رائدة، بهدف بناء منظومة نقل متكاملة تلبي احتياجات الراكب المغربي والسياح على حد سواء.
تقود شركة “ألستوم” الفرنسية هذا التحول من خلال توريد 18 قطارا فائق السرعة (LGV). ستربط هذه القطارات، التي تصل سرعتها إلى 320 كلم/ساعة، المدن الكبرى مثل طنجة والدار البيضاء ومراكش. يهدف هذا المشروع الطموح إلى تقليص زمن الرحلات بين المحاور الرئيسية بشكل كبير، مما يخلق شريان نقل سريع وفعال يشجع على التنمية الاقتصادية والتبادل السياحي بين أقاليم المملكة.
لتعزيز الربع بين المدن على مسافات متوسطة وطويلة، ستقدم الشركة الإسبانية “CAF” 40 قطاراً من نوع “بين المدن” (Intercity). وستسير هذه القطارات بسرعات تتراوح بين 160 و200 كلم/ساعة، مع توفير توقفات اختيارية في محطات محددة.
تم تصميم هذه الفئة خصيصاً لرحلات المسافات المتوسطة، وستوفر بديلاً مريحاً وسريعاً للركاب الذين لا يتنقلون يومياً ولكنهم بحاجة إلى خدمات ذات جودة عالية.
أما الجزء الأكبر من الصفقة، والمتمثل في 110 قطار، فستتكفل به شركة “هيونداي روتم” الكورية الجنوبية. ستخصص هذه القطارات للخدمات الجهوية والسريعة (Regional/Commuter)، وستعمل على ربط المراكز الحضرية الكبرى بضواحيها والمدن المجاورة. بسرعات تصل إلى 160 كلم/ساعة، تركز هذه القطارات على تلبية احتياجات التنقل اليومي للمواطنين، وتخفيف الازدحام المروري، وتقديم حلول نقل جماعي فعالة وصديقة للبيئة داخل المناطق الحضرية والمحيطة بها.
تمثل هذه الصفقة العملية أكثر من مجرد شراء عربات جديدة؛ فهي استراتيجية شاملة لبناء هيكل سككي هرمي ومتكامل. فبدل الاعتماد على نموذج واحد، تبني المملكة شبكة ذكية تستجيب لجميع أنواع الاحتياجات: السرعة الفائقة للربط بين المدن الكبرى، والسرعة العالية للربط بين المدن، والخدمات الجهوية للتنقل المحلي اليومي.
يأتي هذا الاستثمار الضخم في إطار التحضيرات المتسارعة لاستضافة المغرب، بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، لنهائيات كأس العالم 2030. حيث تدرك السلطات أن وجود شبكة نقل برية حديثة وسريعة وموثوقة هو ركيزة أساسية لنجاح هذه التظاهرة العالمية. ستلعب هذه القطارات دور محوري في تسهيل تنقل الآلاف من المشجعين والوفود بين المدن المضيفة، مما سينعكس إيجاباً على صورة المملكة وتجربة الزوار.
وبهذه الخطوة، يؤكد المغرب مجددا على مكانته كرائد في مجال البنى التحتية الحديثة بالقارة الإفريقية، ويضع أسسا متينة لشبكة مواصلات تليق بطموحاته التنموية وتلبي تطلعات سكانه وزواره لعقود قادمة.
