وجهت اكثر من 400 جمعية نشطة بجهة مراكش آسفي، تنتمي إلى المناظرة الجهوية للمجتمع المدني بمراكش، نداءا إلى صاحب الجلالة نصره الله، من أجل رفع الحيف و التهميش و كل أشكال الفساد عن مدينتهم المنكوبة والتي تخلى عنها من يمثلها حسب ماجاء في الرسالة التي تتوفر الجريدة على نسخة منها موقعة من طرف الجمعيات المذكورة. ومما جاء فيها :
“مولاي، فكما لا يخفى على المتتبع للشأن العام بمراكش، فالمدينة أصبحت تعيش سكتة قلبية في ظل استفحال الفساد و المفسدين، ليتأكد لنا أن جيوب المقاومة ترفض كل إصلاح تنادون به و ترعونه، بل يصرون على تكريس منظومة الفساد التي ترعى مصالحهم الشخصية مستغلين حالة الطوارئ للمتاجرة في مآسي الناس. أما الوطن و الأوفياء من رعاياكم فتبقون أنتم يا مولانا الملجأ الوحيد لهم، فلا أذن تصغي و لا عين ترى و كأن الجميع متواطئ ضد هذه البقعة الطاهرة من تراب مملكتكم الشريفة.
فعلى غرار جل الإدارات و المؤسسات العمومية التي تعرف شللا و تهاونا في إنجاز الأوراش الكبرى التي ناديتم بها، تعرف المنظومة الصحية في المدينة سقوطا حرا رغم كل مجهودات الأطر الصحية و رغم كل صيحات الفزع من هنا، ونواقيس الخطر التي قمنا بدقها كمجتمع مدني إيذانًا بقرب انهيار المنظومة الصحية.
مولاي، إن صحة الأفراد هي أسمى هدف على الدولة بلوغه ، و ذلك من أجل استمرارها واستقرارها، بحيث يعتبر الأفراد الأصحاء عصب كل سياسة تنموية، فكل السياسات سواء الشاملة منها أو القطاعية ترتكز أساسا على الفرد، فهو المحرك الأساسي لها، فنجاحها أو فشلها في تحقيق أهدافها مرتبط بقدرة الفرد على العمل أو النشاط المنتج .
و لئن بدا من المتفق عليه أن إصلاحًا عاجلًا وسريعًا وجب العمل عليه لإنقاذ المنظومة الصحية بمراكش فإن الجميع يتهرب من لحظة الحقيقة، لحظة الإصلاح الجذري والشامل لما تختلج صدورهم من أشياء يصعب علينا فهمها. فقد نبهنا خلال كل نسخ مناظرة مراكش للمجتمع المدني على ضرورة إصلاح الجانب الصحي و ذلك بإصدار توصيات و مراسلة الجهات الوصية لكن دون جدوى، فحلاوة الاستقبال يليها نسيان المطالب بالرفوف من طرف المسؤولين محليا و جهويا و حتى على صعيد المركز، والخبر بكل تفاصيله مفزع للجميع.
مولاي، إن رعاياكم بمراكش يستغيثون من أجل نفس الحياة فالمدينة تختنق و تئن تحت وطأة الوباء الذي انتشر كالنار في الهشيم، ليزيل البهجة عن محيى رعاياكم و ترتسم على الوجوه نظرة اليأس و الفزع فالموت يحلق فوق رؤوسهم و هم مكدسون في أروقة المستشفيات بل منهم من قضى نحبه و هو يبحث عن مكان بالمستشفى.
مولاي، إن ما تمر به مدينتنا يسائلنا جميعا دون استثناء فكلنا مسؤولون و لو بدرجات متفاوتة، و لكن تبقى المسؤولية الكبرى على من أوصل البلاد و العباد لهذه الحال. نعم اللحظة تستدعي منا التصالح مع أنفسنا و تحديد المسؤوليات، لكن من أخفق في تدبير المرحلة وجبت محاسبته عوض تركه يتمادى في تأزيم الوضع و تهديد السلم الاجتماعي. و الحال يشهد أنه لولا المجهودات الجبارة للنسيج الجمعوي لآلت الأمور إلى ما لا تحمد عقباه.
و على صعيد آخر الكل يتخبط في قراءة بلاغات وزارة التربية و التكوين و التعليم العالي و ما سيترتب عنها لا قدر الله إذا تفشى الوباء بالأسرة التعليمية و بالتالي كل أسر المتمدرسين، ليعيش الجميع حالة ريبة و رعب مترقبين ما ستأتي به الأيام.
مولاي، إن استغاثة المجتمع المدني بكم هي إعلان لفشل السياسة المتبعة في هذه المدينة، فكيف يعقل أن يراكم المنتخبون و المسؤولون المناصب و المكاسب و يكدسوا الثروات من المال العام و يتركوا المدينة تنهار أمام الوباء الفتاك. إن مناظرة مراكش للمجتمع المدني و انطلاقا من حسها الوطني تدق ناقوس الخطر و تنادي بتدخل عاجل على جميع الأصعدة ( صحيا، اقتصاديا، اجتماعيا…) فعلى سبيل الذكر لا الحصر كيف يمكن لمدينة أن تستمر في الحياة و هي ترتكز أساسا على الرصيد السياحي والمهن و الحرف التقليدية التي أوصدت أبوابها مكرهة بعد الحجر على المدينة دون إيجاد بديل حقيقي.
و ختاما يا مولاي فإن رعاياكم يلتمسون من جنابكم الشريف النظر في ندائهم هذا بعين العطف و العناية لإنقاذ هذه الربوع من فزع الموت الصحي و الاقتصادي و الاجتماعي.
حفظكم الله يا مولانا بما حفظ به الذكر الحكيم و متعكم بنعمة الصحة و العافية و أقر عينكم بولي عهدكم المولى الحسن و بسائر الأسرة العلوية الشريفة.”