دعت رئاسة النيابة العامة الى استحضار قرينة البراءة واستثنائية الاعتقال الاحتياطي، كمبدأين أساسيين في قانون المسطرة الجنائية، قبل تحريك الدعاوى العمومية، مع عدم إصدار الأوامر بالإيداع في السجن إلا إذا توفرت الموجبات القانونية، كحالة التلبس أو توافر أدلة قوية على ارتكاب الجريمة مع انعدام ضمانات الحضور أو خطورة الأفعال.
وحث رئيس النيابة العامة في دورية حول “وضعية الاعتقال الاحتياطي”، وجهها إلى المحامي العام الأول لدى محكمة النقض، والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، على تعزيز التنسيق مع السادة الرؤساء الأولين ورؤساء المحاكم للرفع من وثيرة تصفية القضايا الخاصة بالمعتقلين. مع القيام بكافة التدابير المساعدة للمحاكم في تجهيز القضايا.
كما دعت الدورية إلى التنسيق مع مدراء المؤسسات السجنية للحصول على إحصائيات محينة حول وضعية المعتقلين الاحتياطيين في محاكمكم، سواء الخاصة بالقضايا الجارية أو تلك المحكومة التي لم تحل بعد على محكمة الطعن، مع تبليغ السادة الرؤساء الأولين ورؤساء المحاكم بالوضعية الإحصائية ليكونوا على بينة بوضعية الاعتقال الاحتياطي بالمحكمة.
وأكدت رئاسة النيابة العامة في ذات السياق على حصر لائحة قضايا المعتقلين المطعون فيها بالاستئناف التي لم تحل بعد على محكمة الطعن رغم مرور أكثر من عشرة أيام عن انقضاء الأجل القانوني للاستئناف، وموافاة هذه الرئاسة بها، وكذا إعداد قائمة بقضايا المعتقلين الاحتياطيين المطعون فيها بالنقض، والتي لم تتم إحالتها على محكمة النقض رغم انقضاء أجل التسعين (90) يوما من تاريخ التصريح بالطعن، وفقا لأحكام المادة 528 من قانون المسطرة الجنائية، وموافاة هذه الرئاسة بها.
وأبرزت أنه لوحظ من خلال تتبع المعطيات المتعلقة بالاعتقال الاحتياطي، أن هذا الأخير يعرف ارتفاعا مضطردا منذ بداية سريان حالة الطوارئ الصحية بالبلاد، مشيرة إلى أنه في متم شهر أبريل من سنة 2021 بلغت نسبة الاعتقال الاحتياطي 44.49 في المائة من مجموع الساكنة السجنية المقدرة ب 86223 نزيلا ونزيلة، من ضمنهم 38357 مصنفين كاحتياطيين. وأضافت أنه عند مقارنة هذه المعطيات بنظيرتها المسجلة عن نفس الفترة من السنة الماضية، سيتجلى الارتفاع المذكور أعلاه بشكل واضح، على اعتبار أن نسبة المعتقلين الاحتياطيين لم تتجاوز عند نهاية شهر مارس من سنة 2020 ما قدره 37,11 في المائة من مجموع الساكنة السجنية، التي كانت تبلغ 84706 معتقل (من بينهم 31432 احتياطي). وهو ما يعني أن معدل الاعتقال الاحتياطي قد ارتفع بأكثر من سبع (7) نقاط”.
وسجلت الدورية أنه إذا كان الأصل في تطور معدلات الاعتقال الاحتياطي، أن تتدخل فيه عدة عناصر ومحددات قضائية وغير قضائية، كارتفاع أو انخفاض منسوب ارتكاب الجرائم، وكذا الزيادة في عدد الأشخاص المقدمين إلى العدالة الجنائية للاشتباه في ارتكابهم لجنايات أو جنح، فإن الارتفاع المسجل حاليا في عدد المعتقلين الاحتياطيين يرجع بشكل أساسي إلى الصعوبات التي أفرزتها الجائحة على سير الجلسات، والذي أثر بشكل واضح في وثيرة تصفية القضايا، على الرغم من نجاح التجربة الرائدة لبلادنا في اعتماد المحاكمة عن بعد، كحل أساسي وتدبير وقائي للحيلولة دون انتشار “فيروس كورونا المستجد” في أوساط النزلاء بالمؤسسات السجنية.
ومضى رئيس النيابة العامة قائلا “كما لا يخفى عليكم، فإن ترشيد الاعتقال الاحتياطي يشكل الموضوع الذي خصصت له هذه الرئاسة أهمية كبرى، باعتباره أولوية مركزية من أولويات السياسة الجنائية الموكول لكم أمر تنفيذها”، مؤكدا حرص رئاسة النيابة العامة على استمرار تفعيل مضامين الرسائل الدورية السابقة حول الموضوع، بما يحقق غايات ترشيد الاعتقال الاحتياطي، وإيلاء قضاياه الأهمية التي تستحقها.
وخلصت الدورية إلى أن الارتباط الوثيق للاعتقال الاحتياطي بحرية الأفراد تجعل منه أولوية قصوى يجب التأكيد على استحضارها بشكل يومي لضمان هذه الحرية ولتعزيز ثقة المتقاضين في عدالتهم داعية إلى الحرص على التقيد بالتعليمات أعلاه، والرجوع إلى هذه الرئاسة في حالة وجود أي صعوبة.