الانتخابات المحلية المقبلة بتونس ..اتساع جبهة الدعوات للمقاطعة

في الوقت الذي يتم فيه الاستعداد لإجراء الانتخابات المحلية بتونس يوم 24 دجنبر المقبل، تتسع جبهة الدعوات من قبل الأحزاب السياسية المعارضة إلى مقاطعتها. وسبق لتنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية، التي تضم أحزاب العمال و القطب والتيار الديمقراطي و التكتل من أجل العمل والحريات (معارضة) ، أن دعت في بيان لها، مؤخرا، إلى مقاطعة هذه الانتخابات، واصفة إياها بـ”المهزلة الانتخابية الجديدة التي تؤسس لمشروع قاعدي شعبوي” يهدف إلى “إرساء نظام فردي مطلق يواصل السيطرة على كل السلطات”. من جهته وصف رئيس “جبهة الخلاص الوطني” (معارضة)، أحمد نجيب الشابي، الانتخابات المحلية المزمع تنظيمها ب ”المسرحية”، مؤكدا أن ”التونسيين لن يشاركوا فيها، كما سبق لهم أن قاطعوا الانتخابات التشريعية في دورتيها الأولى والثانية والتي سجلت أدنى نسبة مشاركة محليا ودوليا (الجولة الأولى في دجنبر 2022 والثانية في يناير 2023 )، وكما قاطعوا الاستفتاء على الدستور”. أما رئيس حزب (العمل والإنجاز)، عبد اللطيف المكي، فأكد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن حزبه سيقاطع الانتخابات، معتبرا أن المشاركة في الاستحقاق المقبل “ستكون أسوأ من سابقاتها، على اعتبار أن التونسيين “اكتشفوا” أن الشعارات كانت فقط “للتغطية على الإنفراد بالسلطة وليس للإنجاز”، في إشارة إلى نسبة العزوف المسجلة خلال الانتخابات التشريعية. وفي هذا السياق يرى هذا المسؤول الحزبي أن “هيئة الانتخابات المعينة كانت منحازة للرئيس، لإلغائها الانتخابات البلدية التي كانت مقررة منذ شهر ماي الماضي، وفي الوقت نفسه تقوم بحملة تحريضية بالمال العام للمشاركة في الانتخابات القادمة”. وشدد على أن “المشاركة من عدمها هي محل رهان سياسي بين الرئيس، قيس سعيد، والمعارضين (…) ولا حق لهذه الهيئة بالتدخل”. وذكر المكي بالاستشارة الإلكترونية التي دعا إليها الرئيس عام 2022 قبل والتي لم تعرف إلا مشاركة 500 ألف مواطن، وكذا ب 8 بالمائة نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية، مسجلا أن البرلمان الذي نتج عن هذه الانتخابات “لا يشتغل بالصلاحيات الممنوحة له”، كما أشار إلى وجود “شد وجذب خفي بين الرئيس والبرلمان”. يذكر أن الرئيس التونسي، قيس سعيد، قام في يوليوز 2021 بحل البرلمان وتعليق أعماله منذ 25 يوليوز 2021 وذلك، كما أكد آنذاك، ”حفاظا على الدولة وعلى مؤسساتها وحفاظا على الشعب التونسي”. وفي هذا السياق أكد الكاتب والمحلل السياسي، باسل ترجمان، في تصريح مماثل للوكالة أن الأحزاب السياسية التي توثث المشهد التونسي ” فقدت الكثير من مصداقيتها وشعبيتها أمام الرأي العام جراء ما شهدته الساحة السياسية من ممارسات في العشرية الماضية”. وأوضح أن “ممارسات الأحزاب على مدى 10 سنوات، أفقدتها مصداقيتها أمام الشارع التونسي”، واصفا هذه المرحلة بـ”العشرية السوداء”.” وعزا قرار مقاطعة الأحزاب السياسية للانتخابات المحلية المقبلة إلى عدم قدرة هذه الأحزاب على ”الحشد أو الدعم أو حتى إيجاد مناصرين لها على غرار حركة النهضة أو جبهة الخلاص الوطني (معارضة) التي فقدت قواعدها الشعبية”.

ولاحظ المحلل السياسي أن تونس تعيش ما يمكن تسميته ”بـ التهميش الممنهج للعديد من ولاياتها (أكثر من 15 ولاية من أصل 24 ولاية مهمشة تنمويا) ولذلك فان مثل هذه الانتخابات ستؤدي إلى بناء تنموي جديد يقطع مع ممارسات الماضي ”.تجدر الإشارة إلى أن حركة الشعب المؤيدة للرئيس، قيس سعيد، أعلنت بدورها عن قرارها عدم المشاركة بشكل حزبي في انتخابات الأقاليم والمجالس المحلية، و”فوضت لمناضليها حرية المشاركة من عدمها، أو التصويت من عدمه”. وقالت الحركة في بيان “اعتبارا لطبيعة الانتخابات المحلية من حيث هي انتخابات قرب، ولكون القانون الانتخابي يعطل مشاركة الأحزاب فيها”، فإنها “من موقع حرصها على استكمال بناء مؤسسات الدولة وفق المعايير والرهانات التي قام عليها مسار 25 يوليوز وضبطها دستور 2022، تترك لمناضليها حرية المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي ترشحا و تصويتا”. وذكر المصدر بتحفظ الحركة على القانون الانتخابي الذي ينظم الانتخابات المحلية، حيث “سيكون له تأثير سلبي في العملية الانتخابية برمتها”. كما جددت تحذيرها من مخاطر انعكاس الوضع الاقتصادي والاجتماعي “المحتقن، على نسبة المشاركة الشعبية” في هذه الانتخابات. وتبقى نسبة المشاركة المتوقعة في الانتخابات المحلية القادمة كفيلة بإنهاء الجدل حول مدى إقبال الناخبين على التصويت والمشاركة، وعلى مدى نجاحها أو فشلها في ظل الجو السياسي المتوتر بتونس مع تأكيد هذا العدد الكبير من التشكيلات السياسية مقاطعتها.