
تعد رياضة التبوريدة إحدى الركائز الثقافية والتراثية في المغرب، حيث تعكس أصالة الفروسية المغربية ومظاهرها الاحتفالية المرتبطة بالهوية الوطنية. ومع التعديلات الجديدة التي اعتمدتها الشركة الملكية لتشجيع الفرس بتنظيم مباريات الإقصائيات في مواقع موحدة على مستوى الجهات، ظهرت تحديات أثارت ردود فعل متباينة بين المهتمين والفاعلين الجمعويين والجماهير.
جهة مراكش-آسفي، التي تضم 8 أقاليم وعمالات، شهدت تنظيم الإقصائيات في مدينة الشماعية. ورغم ما تميز به الحدث من تنظيم محكم وجهود بارزة من السلطات المحلية وفعاليات المجتمع المدني بقيادة الاتحاد الإقليمي للفروسية التقليدية بإقليم اليوسفية، إلا أن قرار تجميع المباريات في مكان واحد أثار انتقادات واسعة.
ورغم توفير الجهة المنظمة لتكاليف النقل والتنقل للسربات المشاركة، شعر العديد من الممارسين والجماهير المحلية بالحرمان من متابعة هذه الفعالية على أرضهم.
هذا التجميع حرم مدناً وأقاليم، مثل مراكش، من الاستفادة من الانعكاسات الاقتصادية والثقافية لهذه المباريات. فالفعاليات المحلية للتبوريدة ليست مجرد منافسة رياضية، بل هي أيضاً مهرجان شعبي يساهم في تحريك الاقتصاد المحلي ويعزز من الروابط الثقافية بين الساكنة وتراثهم. غياب هذه المباريات عن المدن الأصلية حرم الساكنة من فرصة عيش هذه التجربة، سواء بسبب صعوبة التنقل أو انشغالات العمل، وهو ما خلق حالة من الاستياء.
ردود الأفعال التي رصدتها جريدة “جامع الفنا بريس”، سواء عبر اتصالات مباشرة من الممارسين أو من خلال منصات التواصل الاجتماعي والملتقيات المختلفة، تعكس رفضاً واضحاً للمنهجية التنظيمية الجديدة. وقد عبر العديد من الممارسين عن استيائهم من نقل المباريات إلى مواقع موحدة، مؤكدين ضرورة إعادة النظر في هذا القرار. وشملت المقترحات التي تلقّتها الجريدة تقسيم المباريات الإقصائية إلى مواقع متعددة داخل الجهة الواحدة مع اعتماد مبدأ المداورة بين المدن المستضيفة، بما يضمن توزيعاً عادلاً للفرص وتعزيزاً للحضور الجماهيري، مما يتماشى مع روح التبوريدة كفن شعبي يرتبط بجميع فئات المجتمع المغربي.
الإصلاحات التي أطلقتها الشركة الملكية، والرامية إلى تسليط الضوء على خصوصيات كل منطقة من حيث أسلوب الأداء والهندام التقليدي، تمثل خطوة مهمة في مسار الحفاظ على التراث المغربي وتعزيز مكانته. غير أن التحدي الأبرز يتمثل في تحقيق توازن عادل بين تحسين آليات التنظيم وضمان استفادة متكافئة لجميع الأقاليم. وتبقى آمال الجماهير والممارسين معلقة على استجابة الشركة لمطالبهم مستقبلاً، بما يضمن تعزيز هذا الإرث الوطني وتقريبه من كافة شرائح المجتمع، مع الحفاظ على هويته الأصيلة.
Be the first to comment