مذبحة البروتوكول.. من يقود حملة الإطاحة بوالي مراكش فريد شوراق؟

في خطوة مفاجئة أربكت الرأي العام المحلي والوطني، تم توقيف والي جهة مراكش آسفي، فريد شوراق، عن أداء مهامه دون أي بلاغ رسمي صادر عن وزارة الداخلية، وبشكل يوحي بأن ما جرى لا يُراد له أن يُفهم، بل فقط أن يُمرّر.

الخبر تسلل أولا من خلال مواقع إخبارية مقربة من دوائر معروفة ببث بروباغندا موجهة، حيث جرى ترويج سيناريو الإعفاء على أنه نتيجة مباشرة لخرق بروتوكولي جسيم، ما كشف عن محاولة واضحة لتأطير الرأي العام وإقناعه بمشروعية القرار حتى قبل أن يصدر رسميا. وتكفلت هذه المنابر بتمرير الرواية الرسمية بشكل موجه، مع التركيز على تفاصيل معينة والتغاضي عن السياق الكامل الذي يحيط بالواقعة.

تم لاحقًا تأكيد الخبر بشكل غير مباشر عبر تكليف عامل إقليم الحوز، رشيد بنشيخي، بتدبير شؤون الولاية مؤقتًا. السبب المروج؟ مشاركة الوالي في ذبح أضحية العيد بمصلى سيدي عمارة، في مشهد قيل إنه شكل خرقا للبروتوكول الرسمي. غير أن الوقائع التي توثقها الفيديوهات المنتشرة تُكذب هذا الادعاء، حيث لم يظهر فريد شوراق وهو يذبح، بل فقط واقفا مندهشا مما يحدث أمامه، في مشهد أقرب إلى كمين بروتوكولي منه إلى خطأ إداري بسيط.

وبحسب مصادر خاصة، فإن الأضحية تم إحضارها إلى المصلى بواسطة سيارة الوقاية المدنية وبحضور رئيس المجلس العلمي، في أجواء أُريد لها أن تبدو احتفالية، قبل أن تتحول إلى مشهد محاكمة رمزية لرجل كانت مراكش قد بدأت تتنفس معه مسارا جديدا في التواصل والصرامة الإدارية.

الأدهى أن عملية الذبح لم تُنفّذ من طرف الوالي ولا أحد أعوانه، بل من طرف خطيب العيد نفسه، وهو ما يعمّق الشكوك حول ما إذا كان الحفل الديني سُخّر عمدا للإيقاع بالوالي أو تأويل سلوكه بشكل مغرض يخدم أجندة معينة.

الواقعة لم تأتِ من فراغ، بل في سياق مشحون تشهده مراكش منذ أشهر، حيث دخل الوالي في صدام غير معلن مع شبكات نفوذ عقاري ولوبيات استثمارية نافذة، بسبب تشدده في ملفات التحفيظ والتراخيص الكبرى ومتابعة الأوراش المهيكلة. وهو ما أكسبه احترام شريحة واسعة من ساكنة المدينة، فقد عُرف فريد شوراق بتواصله الدائم والمباشر مع مختلف المكونات المجتمعية، من فاعلين اقتصاديين إلى جمعويين وساكنة الأحياء الشعبية، كما ظل حاضرًا في الميدان بشكل يومي، متنقلا بين الأوراش والمشاريع، يتابع التنفيذ ويستمع للناس، ويعطي الانطباع بأنه أقرب إلى نمط المسؤول الميداني منه إلى صورة رجل الإدارة التقليدي.

هذا الحضور القوي والتأثير المتزايد أزعج بطبيعة الحال أطرافًا لم تتعود على مسؤول يتابع التفاصيل ويحاسب على الاختلالات. لذلك يرى كثيرون أن ما حدث لم يكن مجرد حادث بروتوكولي، بل بداية تصفية ناعمة مدروسة بعناية، استُعملت فيها أدوات الدولة نفسها ووسائل الإعلام الموجهة لتعبيد الطريق نحو الإعفاء، والتأثير نفسيًا على الرأي العام المحلي الذي عبّر في مناسبات عديدة عن رضاه عن أداء الوالي واستبشاره بوجوده.

أمام هذا المشهد الضبابي، تبقى أسئلة كثيرة معلقة دون أجوبة: من صاغ البرنامج الرسمي لنشاط يوم العيد؟ لماذا لم يتم ضبط الإخراج الميداني؟ من المسؤول عن تمرير تفاصيل مشوشة في رسالة النشاط إلى المصالح المركزية؟ ولماذا صمت ديوان الوالي ولم يبادر للتوضيح أو التصحيح؟

المعطى المؤكد أن فريد شوراق يوجد حاليًا تحت الاستفسار بالعاصمة الرباط، فيما لا وجود لأي قرار إعفاء رسمي، ما يزيد من الشكوك حول اعتماد أسلوب جديد في تحييد بعض المسؤولين دون الحاجة إلى قرارات معلنة أو مواجهة مباشرة.

وفي انتظار أن تتضح الصورة، تبقى واقعة عيد الأضحى بمراكش حدثا مفصليا، لا في مسار رجل دولة فقط، بل في فهمنا لكيف تُدار الصراعات داخل الإدارة، وكيف يمكن أن تُستخدم أدوات الاتصال والإعلام لإنتاج رأي عام على المقاس، وتمرير قرارات مغلفة بغطاء “الخرق”، بينما الحقيقة قد تكون أعمق وأكثر تعقيدًا مما يُقال أو يُكتب.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*