تشكل الذكرى الـ66 لإسترجاع طرفاية إلى حظيرة الوطن، محطة بارزة في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الإستقلال و تحقيق الوحدة الترابية.
ففي يوم 15 أبريل من كل سنة، يخلد الشعب المغربي من طنجة إلى الكويرة هذه الذكرى بما يليق من مظاهر الإعتزاز و الإفتخار، و في أجواء من التعبئة الوطنية الشاملة و المستمرة، و اليقظة التامة تحت القيادة الرشيدة للعرش العلوي المجيد.
فقد قدم المغرب ملكا و شعبا التضحيات الجسام في مواجهة الإستعمار الذي جثم بثقله على التراب الوطني قرابة نصف قرن، و قسم البلاد إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب و الحماية الإسبانية بشماله و جنوبه، فيما خضعت منطقة طنجة لنظام دولي، و هذا ما جعل مهمة تحرير التراب الوطني صعبة و عسيرة بذل العرش و الشعب في سبيلها تضحيات رائعة في غمرة كفاح وطني متواصل الحلقات طويل النفس و متعدد الأشكال و الصيغ لتحقيق الحرية و الإستقلال و الوحدة و الخلاص من الإستعمار بنوعيه و المتحالف ضد وحدة الكيان المغربي، إلى أن تحقق النصر المبين و الهدف المنشود بعودة الشرعية و رجوع بطل التحرير و الإستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس و الأسرة الملكية الشريفة من المنفى إلى أرض الوطن في 16 نونبر 1955، حاملا لواء الحرية و الإنعتاق من ربقة الإحتلال.
و لم يكن إنتهاء عهد الحجر و الحماية إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر لبناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الإحتلال.
و في هذا المضمار، كان إنطلاق جيش التحرير بالجنوب سنة 1956 لإستكمال الإستقلال في باقي الأجزاء المحتلة من التراب الوطني، و إستمرت مسيرة التحرير بقيادة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس، بعزم قوي و إرادة صلبة.
لقد كان خطاب جلالته التاريخي بمحاميد الغزلان في 25 فبراير 1958، بحضور وفود و ممثلي قبائل الصحراء المغربية، موقفا حاسما لتأكيد إصرار المغرب على إستعادة حقوقه الثابتة في صحرائه المغتصبة.
و هكذا، تحقق بفضل حنكة و حكمة جلالته طيب الله ثراه و بالتحام مع شعبه الوفي إسترجاع إقليم طرفاية سنة 1958، و الذي جسد محطة بارزة على درب النضال الوطني من أجل إستكمال الإستقلال الوطني و تحقيق الوحدة الترابية.
و قد واصلت البلاد في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله مثواه ملاحمها النضالية، حيث تم إسترجاع مدينة سيدي إفني سنة 1969 و تكللت بالمسيرة التاريخية الكبرى مسيرة فتح المظفرة في 6 نونبر 1975، التي جسدت عبقرية الملك الموحد الذي إستطاع بأسلوب حضاري سلمي فريد يصدر عن قوة الإيمان بالحق إسترجاع الأقاليم الجنوبية إلى حظيرة الوطن الأب، و كان النصر حليف المغاربة، و إرتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976 مؤذنة بنهاية الوجود الإستعماري في الصحراء المغربية.
و في 14 غشت 1979، تم إسترجاع إقليم وادي الذهب إلى حظيرة الوطن.
و إستمرت ملحمة صيانة الوحدة الترابية بكل قوة و إصرار لإحباط مناورات الخصوم، و ها هو المغرب اليوم بقيادة رائده الهمام باعث النهضة المغربية صاحب الجلالة الملك محمد السادس يقف صامدا في الدفاع عن حقوقه الراسخة، مبرزا بإجماعه التام إستماتته في صيانة وحدته الثابتة و مؤكدا للعالم أجمع، من خلال مواقفه الحكيمة و المتبصرة، إرادته القوية و تجنده التام دفاعا عن مغربية صحرائه و عمله الجاد لإنهاء كل أسباب النزاعات المفتعلة و سعيه إلى تقوية أواصر الإخاء بالمنطقة و خدمة لشعوبها و تعزيزا لإتحادها و إستشرافا لآفاق مستقبلها المنشود