عندما قال جلالة الملك محمد السادس، في خطاب 20 غشت بمناسبة ثورة الملك والشعب، “بأننا نتطلع إلى مرحلة جديدة غير مسبوقة” في العلاقات بين المغرب وإسبانيا، كان ذلك بمثابة وميض لإخبار استباقي بأن العلاقات الثنائية بين الطرفين ستتخذ منحى آخر غير معهود.
بعض المؤشرات بدأت تطفو على السطح، وتُعطي لمحة عن النقاشات والمفاوضات السرية التي كانت جارية بين المغرب وإسبانيا لتجاوز الخلاف الدبلوماسي الذي اندلع بين الطرفين بسبب أزمة المجرم إبراهيم غالي في أبريل الماضي، ومن بينها ما كشفت عنه صحيفة “الإسبانيول” المقربة من دوائر القرار في إسبانيا، اليوم الثلاثاء، في تقرير خاص.
وحسب تقرير للصحيفة ذاتها، فإن إسبانيا تتجه نحو فتح حوار بدون “طابوهات” أو قيود مع المملكة بشأن قضية الصحراء المغربية ووضعية سبتة ومليلية المحتلتين الواقعتين في شمال المغرب، من أجل النقاش بشأن هذه القضايا وإيجاد حلول ترضي الطرفين بما يضمن استمرار العلاقات الثنائية دون أي أزمات قد تحدث في المستقبل، مما سيدفع بالعلاقات الثنائية نحو متانة أكثر.
وقالت الصحيفة ذاتها، أنه منذ تولي خوسي مانويل ألباريس منصب وزير الخارجية الإسبانية خلفا لأرانشا غونزاليز لايا التي كانت أحد أسباب الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، في التعديل الحكومي الأخير الذي قام به بيدرو سانشيز في يوليوز الماضي، أي أقل من شهرين فقط، عرفت المواقف السياسية الإسبانية تجاه المغرب تغيرا راديكاليا مقارنة بأكثر من سنة ونصف من السياسة التي اتبعتها سالفته، أرانشا غونزاليز لايا.
إن توجه إسبانيا نحو فتح حوار حول قضايا شائكة، مثل الصحراء المغربية، وبالخصوص قضيتي سبتة ومليلية المحتلتين، يُعتبر تحولا راديكاليا كبيرا جدا وغير مسبوق في العلاقات بين البلدين، حيث كانت إسبانيا ترفض رفضا قاطعا أي نقاش حول سبتة ومليلية المحتلتين، حيث تعتبرهما مدينتان خاضعتان لسيادتها ولا يحق للمغرب المطالبة بهما أو استرجاعهما.
وبالمقابل، فإن المغرب لم يعترف رسميا بسيادة إسبانيا على سبتة ومليلية المحتلتين وعدد من الجزر الواقعة في شمال المغرب، وهي كلها مناطق مغربية محتلة من طرف إسبانيا، وسيأتي اليوم الذي سيفتح كل تلك الملفات، للمطالبة باسترجاعها للسيادة المغربية.
اتجاه الطرفين نحو نقاش هذه القضايا الشائكة، قد يُنهي عقود طويلة من التوجس والحذر الذي يطبع العلاقات بين البلدين في العديد من المناسبات، وقد يُنهي صدامات وأزمات من الجلي أن تظهر وتحدث مستقبلا، في ظل استمرار الخلاف الجوهري حول سبتة ومليلية المحتلتين.
ويُرتقب قبل الشروع في نقاش الطرفين حول الصحراء المغربية وسبتة ومليلية المحتلتين، أن تشهد العلاقات الدبلوماسية تحسنا في المقبل من الأيام وإعادة الروابط والعلاقات التي كانت سائدة قبل اندلاع الأزمة وعودة الاتصالات وحركة التنقل بين البلدين.