
من المتعارف عليه أن الحكومة في جل اقطار الدنيا ابن شرعي للشعب. منبثقة من صنادق الاقتراع بشكل ديمقراطي و حاملة لمشاريعه و طموحاته. ناقلة لكل همومه و مطالبه عاكسة لكل تطلعاته و انشغالاته. الصوت الذي ينوب عن كل المضطهدين بعدما ترافع عن قضاياه العادلة و المشروعة. حين تشذ عن القاعدة و تتخلى عن وعودها تتصدى لها المعارضة بالنقذ و التحليل مع طرح بدائل لتفنيد كل الإدعاءات ومن أجل الدفاع عن حقوق المواطنين.
لانشك لحظة في التحول الخطير الذي عرفه التداول على التدبير. كل من يصعد يتنكر لوعوده و يتخلى عن التزاماته بل هناك من يواجه هذه المطالب بقرارات تعسفية و اجراءات قهرية فيتحول بقدرة قادر من الدفاع عن حقوق المواطن الى حماية امتيازات ريعية تتوزع بين المؤسسات و العائلات. فتضيع فرص تداول عقدنا عليها آمالا كبيرة وتبين بالملموس ان الفشل المتكرر و الاخفاقات المتتالية مردها بالأساس إلى نموذج ديمقراطي لم يقدم سوى هذه النتائج وهذه الانتكاسة وهو بحاجة إلى مراجعة بما يتوافق مع راهنية المرحلة من خلال تعديل نمط الاقتراع و سياق التحالفات والتقطيع الانتخابي المتحكم فيه و سؤال الدعم وطريقة توزيعه وجغرافية التباينات السياسية و لغة الاصطفاف الايديولوجي و الخلفيات السياسية من اجل تكثلها عوض تشتيتها و تجزيء المجزء فيها والسعي من خلالها لاضعافها وخدمة اجندات ومصالح المرحلة الراهنة و بالضرورة تعاكس طموح التطور المنشود .
كثير من قضايانا المصيرية لم يعد يحسمها النقاش الوطني الموسع، بل المنتخبون الذين يمثلون الشعب غير مستوعبين للتباين الحاصل فيها من أجل حسمها لفائدة المجتمع. صحيح ان البعض منا تستنفره نتيجة مقابلة وهو يدقق في تفاصيل هزيمة فريق وليس بمقدوره استيعاب فكرة وكيفية بناء مرافعة حول قضية ما تهم قوته اليومي؟
الخلل لاشك قائم بين كل هذه المكونات، المؤسسات المكفول لها ترميم الفراغات غائبة أو مغيبة. غارقة في متاهات التدجين وسياسة الإلهاء نفس المواطن الذي أهملنا تأطيره هو من يخرب مقدرات الوطن من بيئة متسخة ووسائل نقل مهترئة وقانون سير على الاوراق لايجد صدى له في واقع السير والجولان .
كل هذه المعيقات تستنزف امكانات مادية للدولة نحن في امس الحاجة اليها لاستثمارها بمجالات اخرى،
الأدلة على غياب الحكومة عن نبض الشارع كثيرة سنسوق بعضها للاستئناس والقياس. سياسة المخططات ابانت عن فشلها دون تقييم و لا محاسبة وقرار اضافة ساعة المرفوض من غالبية الشعب لازال قائما. واللغة الفرنسية التي يصرحون في كل مرة برفضها لازالت معتمدة في كثير من وسائل الاعلام و الفضاءات و المراسلات ضدا على الدستور.
و أضحية العيد التي الهبت جيوب الناس لم تلغ وادى ضريبتها المواطن رغم ضيق ذات اليد. و المقاطعة التي رفضت اثمنة المحروقات لم تأخذها الحكومة بعين الاعتبار من اجل القيام باجراء ضروري يستجيب لمطالب الشعب. بل اصرارها على المضي ضد ارادته بادية من خلال برمجة احتفالات موازين والتي لا تنسجم مع اجواء القهر التي عمت كل مكان ولم نعد نلمس الوعي بالآخر في اطار المساندة والدعم. لقد كان رد الجمهور متفردا بعزوفه وعدم حضوره لهذا العبث المستفز للمشاعر. نتمنى ان يشكل ارضية انطلاق لمقاطعة واسعة من اجل ردة فعل تجعل هذه الحكومة النكرة تعود الى صوابها .
ذ .ادريس المغلشي .
Be the first to comment