في الليلة الظلماء يفتقد البدر

عندما يغيب الأب عن البيت تبدأ أركانه تتهاوى وكأننا في مشهد سوريالي ، هكذا وقع للبيت الدستوري منذ رحيل المشمول برحمة الله عمر الجزولي ، هذا البيت الذي كان يتسع لجميع السياسيين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية ، هذا البيت الذي تأسس فيه عدد كبير ومهم من جمعيات المجتمع المدني بمراكش ، هذا البيت الذي تحل فيه الخلافات السياسية وتعقد فيه المصالحات و التوافقات ، هذا البيت الديبلوماسي الوطني العابر للحدود ، نعم ستتعجب كثيرا من هذا الكلام بشرط ألا تكون مراكشيا أو أجنبيا مقيما في مراكش ، فالمراكشيون يعلمون جيدا مناقب المرحوم عمر الجزولي بل يحنون إليها في زمن قلت فيه ، ولن تجد البتة في سياسيي مدينة مراكش من يتحدث عن مراكش دون الإستدلال بكلام و أفعال المرحوم ( قال سي عمر ، فعل سي عمر …) وشاءت الأقدار أن نذكره حتى نحن في هذا اليوم المبارك يوم الجمعة ليترحم عليه الجميع.


إن الاتحاد الدستوري منذ تأسيسه كان حاضرا بقوة في المشهد السياسي المغربي عامة و في المشهد السياسي المراكشي خاصة ، حيث لعب دورا مهما في توازنات سياسية كبيرة داخل المملكة المغربية الشريفة في أوقات صعبة جدا ، لهذا نرى ( والرأي غير ملزم ) أن دور الاتحاد الدستوري يجب أن يستمر ومكانته يجب أن تعزز خصوصا بعد دمج ثلاث أحزاب كبيرة ( حزب التجمع الوطني للأحرار ، حزب الأصالة و المعاصرة وحزب الاستقلال ) و توليهم التسيير العام و الجهوي والمحلي للبلد في ظرفية اقتصادية و اجتماعية توصف بالصعبة جدا ، وهذا من شأنه أن يؤثر على شعبيتها و حضورها في الساحة السياسية المغربية مستقبلا كالسقوط الحر لحزب العدالة و التننمية ، وهذا لن يتأتى ( تعزيز مكانة الاتحاد الدستوري ) إلا بعد نقد ذاتي خالص ثم برؤية سياسية واضحة لقيادة الحزب تجمع بين الاستقلالية ( أي الخروج من عباءة التجمع الوطني للأحرار ) و إنشاء خطاب سياسي اجتماعي يلمس كل طبقات الشعب يتميز بالواقعية و الأمل، وبعد ذلك الانتقال إلى سياسة القرب من خلال إعطاء أمانة الحزب الجهوية وطنيا لشخصيات يشهد لها بالنزاهة و المصداقية مع التواجد في الساحة السياسية طيلة السنة وليس التي يكسف وجودها ولا يظهر لها أثر إلا عند كل استحقاق انتخابي وكأن السياسة في المغرب وجدت فقط للقيام بحملات انتخابية تصرف فيها أموال طائلة لتحقيق امتيازات دائمة..


فما أحوح مراكش لشبيبة دستورية تحيي الماضي و تكرس لمستقبل نرى فيه نخب سياسية بمستوى المرحوم عمر الجزولي ، والسؤال هنا يطرح ماذا قدم المنسق الجهوي لحزب الدستوري بجهة مراكش أسفي لهذا الحزب العريق ؟
لن نتحدث عن المقاعد الانتخابية التي حصل عليها الحزب داخل جماعة مراكش ما دام لم تتوفر لها مظلة تقيها حر التموقعات السياسية و لم تجد من يواكبها لضعف تجربتها فأجهضت التجربة في بدايتها ..
ولأن الأمل دائم و المستقبل هو الأهم سنتحدث عنه دون إغفال دروس الماضي ، إن الاتحاد الدستوري بمراكش يحتاج أولا لكتابات محلية و شبيبات محلية بالمقاطعات الخمس وحتى بالجماعات الترابية القروية مع الارتكاز فيها على العنصر النسوي كثيرا و ذلك بإحداث منظمات نسائية بشرط أساسي الذي هو توفير التكوين و الدعم اللازم لها وفق منهجية مدروسة مبنية على العلم و العمل (الانتخابات تدار أولا بالعلم وليس بالخبط العشواء و الشكارة ) مع ترسيخ مبادئ الحزب داخلها مع ضرورة وضع لافتة كبيرة على جدران مقراتها مكتوب عليها مكتوب عليها بالخط العريض ” لن نسلمكم أخانا ” لتوطيد اللحمة بين مكونات الحزب.


ولأن الأفكار تختلف ، فقد تتفق مع ما ذكرناه أعلاه و قد تختلف و الاختلاف لا يفسد للود قضية ، و كما نقول الرأي غير ملزم .
الرحمة و المغفرة لروح المناضل الغيور على وطنه ومقدساته السيد عمر الجزولي .

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*