تُعدّ مراكش واحدة من المدن المغربية التي تشهد نسباً مرتفعة من حوادث السير، حيث تُشكّل الدراجات النارية طرفاً رئيسياً في أغلب هذه الحوادث. وتبرز هذه الإشكالية بشكل خاص نظراً للاعتماد الكبير على الدراجات النارية كوسيلة للنقل في المدينة، التي تُعتبر من أكثر المدن المغربية استخداماً لهذه الوسيلة منذ عقود. تُشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 200 ألف دراجة نارية و50 ألف دراجة هوائية في مراكش، وهو ما يعكس الشعبية الكبيرة لهذه الوسيلة، سواء للتنقل الشخصي أو لأغراض العمل.
لكن، رغم هذا الانتشار الواسع، تحولت الدراجات النارية إلى مصدر قلقٍ متزايد، حيث تُسجل المدينة ما بين 7000 و10,000 حادثة سير خطيرة سنوياً، يكون أصحاب الدراجات النارية طرفاً في أكثر من 60% منها. هذه الأرقام الصادمة تدق ناقوس الخطر، وتدعو للتساؤل حول الأسباب التي تقف وراء هذا العدد الهائل من الحوادث.
بحسب آراء المواطنين وشهادات العيان، يبدو أن العامل الرئيسي وراء هذه الحوادث هو عدم الالتزام بقوانين السير. يُشير كثيرون إلى سلوكيات خطيرة يقوم بها راكبو الدراجات النارية، مثل التجاوز من أماكن غير مخصصة، كالممرات الخاصة أو الخطوط المتصلة، وقيادة الدراجات بسرعة مفرطة، إلى جانب تحميل الدراجة بأوزان زائدة تُفقدها توازنها.
إضافة إلى ذلك، يبدو أن قلة الوعي بخطورة هذه السلوكيات تزيد من تفاقم المشكلة. فالدراجات النارية، رغم كونها وسيلة نقل فعالة واقتصادية، تتحول إلى أداة قاتلة عند تجاهل قواعد السير وعدم احترام الآخرين على الطريق.
لحل هذه المعضلة، يتطلب الأمر جهوداً جماعية تُركز على تعزيز الوعي بأهمية الالتزام بالقوانين، وتكثيف الحملات التوعوية حول سلامة المرور، إلى جانب تشديد الرقابة على الطرق. كما يمكن للسلطات العمل على توفير مسارات مخصصة للدراجات النارية والهوائية، مما يضمن سلامة المستخدمين ويقلل من الحوادث.
في النهاية، يبقى الحل مرتبطاً بإرادة جماعية تُؤمن بأن السلامة المرورية مسؤولية مشتركة، تبدأ من الفرد وتنتهي بالمجتمع ككل.
بقلم: نور الدين بلحبيب
Be the first to comment