
عبد الهادي الفارسي
عرفت مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الأخيرين نقاشا واسعا حول الإحصائيات المتعلقة بمباراة التعليم الاستثنائية التي أُجريت أمس في عدة مدن مغربية. وتركز النقاش حول استحواذ الإناث على نسبة كبيرة من المرشحين الذين تم انتقاؤهم لاجتياز المباراة، ما أثار استغراب الكثيرين وأشعل موجة من الانتقادات والمخاوف.
وبحسب المعطيات المتداولة، فقد بلغ عدد الإناث اللاتي تم انتقاؤهن لاجتياز المباراة حوالي 1354، مقابل 405 ذكور فقط وهو ما يعني أن نسبة الإناث وصلت إلى 76.97%، فيما لم تتجاوز نسبة الذكور 23.02%. هذه الأرقام دفعت العديد من المترشحين غير المقبولين للتعبير عن استيائهم، خاصة في ظل التصريحات السابقة لوزير التربية الوطنية بشأن استراتيجية الوزارة لتأنيث قطاع التعليم.
وكان وزير التربية الوطنية قد أكد في مناسبات سابقة على توجه الوزارة نحو تأنيث قطاع التعليم، مشيرا إلى أن 90% من التوظيفات الجديدة في الوزارة تستحوذ عليها النساء. كما أشار إلى أن نسبة النساء العاملات في سلك التعليم الأولي بلغت 51%، فيما وصلت نسبة النساء المسجلات في برامج تكوين الأساتذة بالمراكز الجهوية إلى 70%.
ورغم الإشادة بتوجه الوزارة لتعزيز حضور النساء في قطاع التعليم، إلا أن هذا التوجه يطرح عدة تحديات، خاصة في المناطق القروية. من أبرز هذه التحديات السكن الوظيفي، حيث تواجه العديد من الأستاذات العاملات في القرى صعوبة في الحصول على سكن آمن ومناسب، والأمن والتنقل، إذ يشكل التنقل إلى المناطق النائية تحديًا كبيرًا في ظل ضعف وسائل النقل وغياب البنية التحتية، بالإضافة إلى التوازن بين الجنسين، حيث يرى مهتمون أن استمرار تصاعد نسبة النساء في القطاع قد يؤدي إلى اختلال في التوازن بين الجنسين، وهو ما ينعكس على بيئة العمل وظروفه.
وانتقد عدد من المترشحين غير المقبولين في المباراة هذه الإحصائيات، معتبرين أن التوجه الحالي قد يُقصي الكفاءات الذكورية، خاصة في ظل حاجة بعض المناطق إلى معلمين ذكور لأداء أدوار معينة تتطلب حضورا رجوليا. من جهة أخرى، يرى خبراء تربويون أن تأنيث التعليم يُساهم في تعزيز جودة التدريس في المستويات الابتدائية والإعدادية، حيث أثبتت الدراسات أن الإناث يتمتعن بقدرة أكبر على التواصل مع التلاميذ في هذه المراحل.
كما توقع متابعون أن تواصل نسبة النساء في قطاع التعليم ارتفاعها في السنوات المقبلة، مع الإشارة إلى ضرورة أن تعمل الوزارة على معالجة التحديات المرتبطة بهذا التوجه. ويرى البعض أن الحل يكمن في تقديم حوافز مادية ومعنوية للأستاذات، خاصة في العالم القروي، إلى جانب توفير بيئة عمل مناسبة وآمنة للجميع.
ويبقى النقاش حول تأنيث قطاع التعليم في المغرب موضوعًا شائكًا يثير العديد من التساؤلات حول العدالة في فرص التوظيف وتأثير هذا التوجه على جودة التعليم. وبينما تسعى الوزارة لتحقيق أهدافها، يبقى الأهم هو ضمان بيئة تعليمية تحقق التوازن بين الكفاءة والإنصاف.





Be the first to comment