
سعيد المرابط- بركان
أثارت الحالة المتردية لحافلة النقل العمومي التي تربط بين مدينتي إمزورن والحسيمة موجة استياء واسعة بين المواطنين، حيث وصفها البعض بأنها لا تصلح حتى لنقل البهائم، فكيف يمكن لها أن تكون وسيلة نقل لائقة بالإنسان؟

الحافلة، التي تعاني من اهتراء واضح في بنيتها وتردي خدماتها، تعود ملكيتها – بحسب مصادر محلية – لأحد ممثلي إقليم الحسيمة في البرلمان عن حزب التجمع الوطني للأحرار. هذا التناقض الصارخ بين موقعه كمدافع عن حقوق الساكنة تحت قبة البرلمان وبين استغلاله لقطاع النقل في ظروف غير إنسانية، أثار موجة من التساؤلات حول أخلاقيات العمل السياسي ومدى التزام المسؤولين بخدمة الصالح العام.

في الدول التي تُحترم فيها حقوق الإنسان وتصان كرامته، يُنتظر من المسؤولين العموميين أن يكونوا في مستوى تطلعات المواطنين. غير أن هذا المثال يبرز حالة من انعدام الانسجام الأخلاقي لدى بعض ممثلي الشعب، إذ لا يُعقل أن يجمع برلماني بين موقع الدفاع عن حقوق المواطنين وبين استغلالهم من خلال توفير خدمات متدنية وغير إنسانية.

وأمام هذا الوضع، يتساءل المواطنون كيف لمن وعدهم بالترافع عن قضاياهم والدفاع عن مصالحهم أن يسمح لنفسه بإهانتهم عبر وسائل نقل لا تحترم أبسط معايير الكرامة الإنسانية؟ هذه التساؤلات المشروعة تعكس حالة من الغضب والإحباط بين سكان المنطقة الذين يشعرون بأنهم ضحايا استغلال مزدوج من طرف من يفترض أن يكونوا صوتهم تحت قبة البرلمان.

يرى مراقبون أن استمرار مثل هذه الممارسات يكرّس واقعًا من غياب المحاسبة وتضارب المصالح، ويطالب العديد من المواطنين بفتح تحقيق في ظروف استغلال هذه الرخصة ومدى احترامها لمعايير السلامة والجودة. كما تبرز دعوات ملحّة لاستقالة هذا المسؤول، انسجامًا مع مبادئ الشفافية والمحاسبة، باعتبار أن الجمع بين الاستغلال السياسي والاقتصادي يُعد ضربًا لقيم النزاهة وأخلاقيات العمل العام.
يبقى الأمل معقودًا على تدخل الجهات المعنية لوضع حد لمثل هذه الممارسات، وتطبيق القانون بصرامة لضمان توفير خدمات نقل عمومي تحترم كرامة الإنسان، بعيدًا عن أي استغلال أو انتهاك لحقوق المواطنين. وحتى يتحقق ذلك، يظل المواطن البسيط الحلقة الأضعف في معادلة المصالح الشخصية لبعض من يُفترض بهم أن يكونوا صوت الشعب، لا من يستغلونه لتحقيق مكاسب ضيقة على حساب معاناته اليومية.
Be the first to comment