
تشهد مقاطعة جليز بمدينة مراكش وضعا إداريا استثنائيا وغير مسبوق، بعد أن تحوّل عون موسمي مثير للجدل إلى شخصية نافذة داخل أروقة المقاطعة، في تحدٍّ صارخ للقوانين والمساطر الإدارية المعمول بها، مما تسبب في حالة من الغليان والاحتقان في صفوف الموظفين والمستشارين والمرتفقين.
وبحسب معطيات مؤكدة حصلت عليها الجريدة، فإن العون الموسمي المعني أصبح يتدخل في مهام لا تدخل ضمن نطاق اختصاصه، بل بلغ الأمر حد الاعتداء على أحد مستشاري المجلس، محمد أوزيو، وسلبه محاضر ثلاث دورات حصل عليها بموجب المادة 50 من النظام الداخلي باستعمال العنف، وذلك زوال اول امس الثلاثاء داخل مقر مجلس المقاطعة، وأمام مكتب مدير أعمال المجلس، الذي كان حاضرًا خلال الواقعة.
هذا السلوك غير المسبوق أثار موجة غضب في أوساط الموظفين والمستشارين، خاصة بعدما تبين أن العون الموسمي المذكور يتمتع بصلاحيات لا يملكها حتى بعض المسؤولين الإداريين، حيث يُكلف بتوقيع وثائق وشهادات رسمية، ويتدخل في تنظيم المهام الإدارية اليومية، بل ويصدر تعليمات لموظفين أعلى منه رتبة وكفاءة.
وما زاد من حدة الاستياء، استفادته من أجر شهري كامل عن 30 يومًا، في مخالفة صريحة للمقتضيات التي تحكم تشغيل الأعوان الموسميين، والذين عادةً ما تقتصر مهامهم على أعمال الدعم مثل التنظيف أو ترتيب الأرشيف، دون أي تدخل في صلاحيات المنتخبين أو الأطر الإدارية العليا.
وتأتي هذه التطورات في سياق متزامن مع توجيهات صارمة من وزارة الداخلية، عبر المديرية العامة للجماعات الترابية، دعت من خلالها رؤساء الجماعات إلى تصفية لوائح المسؤولين من الموظفين غير المؤهلين، الذين تم تعيينهم بشكل مؤقت ثم احتُفِظ بهم في مناصبهم دون احترام الشروط القانونية المنصوص عليها في المرسوم رقم 2.21.580.
وبحسب مصادر الجريدة، فإن تقارير حديثة رفعتها المفتشيات الإقليمية كشفت عن اختلالات جسيمة في تدبير التعيينات وتوزيع المهام داخل عدد من الجماعات الترابية، حيث تم إغراق مصالح حيوية، مثل الجبايات وتدبير الرخص والممتلكات الجماعية، بأعوان تقنيين وإداريين يفتقرون للكفاءة والخبرة اللازمة، ما تسبب في تعطيل عدد من مصالح المواطنين والمستثمرين، وزاد من حدة الفوضى داخل هذه المؤسسات.
ولم تتوقف تداعيات هذا الوضع عند حدود الخلل الإداري فقط، بل امتدت إلى ما هو أخطر، إذ أشارت المعطيات إلى تورط بعض الرؤساء في استغلال هؤلاء الأعوان للتستر على اختلالات مالية وإدارية، وهو ما دفع وزارة الداخلية إلى التخطيط لإيفاد لجان تفتيش إلى عدد من الجماعات في الأسابيع المقبلة، للوقوف على حجم التجاوزات وتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة.
ويأمل عدد من الموظفين والمستشارين أن تتدخل السيدة فاطمة الزهراء المنصوري، عمدة مدينة مراكش، إلى جانب رئيس مقاطعة جليز، لإعادة الأمور إلى نصابها القانوني، وضمان احترام التسلسل الإداري داخل المرفق العمومي، بما يصون كرامة الموظفين ويُحسن من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
Be the first to comment