تعيش ساكنة تجزئة برادي 2، المتاخمة لدوار الفئران في تراب الملحقة الإدارية أسجكور، على وقع صدمة وذهول جراء استفحال ظاهرة البناء العشوائي والتجزيء السري في وضح النهار، وأمام أعين السلطات المحلية، دون أدنى تدخل يذكر.

وحسب مصادر محلية موثوقة، فإن سماسرة البناء العشوائي قد كثفوا من تحركاتهم في الآونة الأخيرة، مستغلين أجواء الترقب التي تسبق عملية التعويض المرتقبة لسكان دوار الفئران، وذلك في محاولة مكشوفة لخلق واقع عمراني موازٍ عبر تسويق منازل عشوائية شُيّدت في ظروف غير قانونية. المثير للدهشة أن عدداً من هؤلاء المستفيدين قد سبق لهم الحصول على تعويضات خلال الولاية السابقة للعمدة فاطمة الزهراء المنصوري، ليعودوا اليوم ويكرروا سيناريو التلاعب مستغلين ضعف المراقبة.

وما يزيد الوضع تعقيدا، هو ما يصفه السكان بـ”التواطؤ المفضوح” لبعض أعوان السلطة، الذين يغضون الطرف عن هذه التجاوزات، بل ويُتهم بعضهم بالتورط المباشر في تسهيل عمليات فتح أبواب عشوائية، وتمرير تجزيئات سرية على أراضٍ غير مؤهلة للبناء. في المقابل، تلتزم قائدة الملحقة الإدارية بأسجكور صمتًا يطرح أكثر من علامة استفهام، رغم علمها المسبق بتفاصيل هذه الخروقات حسب تصريحات السكان.

وكأن الأمر لا يكفي، فقد تم مؤخرًا إنشاء مطعم عشوائي خاص بشواء السمك بمحاذاة طريق “لروكاد”، دون أي ترخيص قانوني، في غياب تام لشروط النظافة والسلامة الغذائية. هذا “المطعم” بات قبلة للزبناء رغم افتقاده لأبسط معايير السلامة، ما يهدد بشكل مباشر الصحة العامة، ويضع السلطات المحلية أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية جسيمة.

تأتي هذه الممارسات في وقت تواصل فيه وزارة إعداد التراب الوطني والإسكان جهودها للقضاء النهائي على ظاهرة السكن الصفيحي والعشوائي، في إطار استراتيجية وطنية لإعادة تأهيل النسيج الحضري وتحقيق العدالة المجالية. غير أن ما يقع على أرض الواقع في أسجكور يعاكس هذا التوجه، ويهدد بنسف مجهودات الدولة عبر بوابة “الفوضى المرخصة بالصمت”.

وأمام هذه التطورات المثيرة، تطالب فعاليات مدنية وحقوقية والي جهة مراكش-آسفي ووزارة الداخلية بالتدخل العاجل لفتح تحقيق نزيه وشامل، يفضي إلى محاسبة كل من ثبت تورطه في تسهيل البناء العشوائي أو التستر عليه، بدءاً من المسؤولين المحليين وصولاً إلى السماسرة الذين حولوا الأحياء الهامشية إلى بورصة سوداء للعقار.

ويبقى السؤال معلقًا: إلى متى يستمر صمت السلطات أمام هذه التجاوزات، التي لا تسيء فقط إلى جمالية المدينة، بل تمس أيضًا بثقة المواطن في مؤسسات الدولة؟















