غابة العروك باليوسفية تحتضر… فأين الجهات المعنية؟

Admin2421 يونيو 202520 مشاهدة
غابة العروك باليوسفية تحتضر… فأين الجهات المعنية؟

اليوسفية: كريم الزهراوي

متى ستتحرك الجهات الوصية لإنقاذ غابة العروك، هذا المتنفس البيئي الحيوي الذي يعد الشريان الأخضر الوحيد لمدينة اليوسفية؟ سؤال بات يفرض نفسه بإلحاح في ظل التدهور المتسارع الذي تعرفه هذه الغابة وتحولها التدريجي إلى مكب عشوائي للنفايات ومخلفات البناء.

فمشاهد الأطنان المتراكمة من الأزبال والأنقاض المنتشرة في أرجاء الغابة لم تعد تثير فقط قلق نشطاء البيئة، بل باتت تشكل تهديداً مباشراً لصحة المواطنين وسلامة النظام البيئي المحلي، وسط صمت مريب وتجاهل تام من الجهات المسؤولة.

رغم ما تمثله غابة العروك من أهمية بيئية وثقافية وسياحية، فإن ما تعيشه اليوم من إهمال ممنهج يعكس غياب إرادة حقيقية للحفاظ على هذا الإرث الطبيعي. إن تدهور حال الغابة لا يمكن اعتباره مجرد إهمال عرضي، بل هو بمثابة كارثة بيئية صامتة تتفاقم يوماً بعد يوم، دون أن يُحرّك أحد ساكناً.

أين هي المبادرات الجمعوية التي لطالما تباهت بحملات النظافة والتشجير؟ وأين دور المجتمع المدني الذي يُفترض أن يكون حارساً لبيئته ومحيطه؟ والأهم من ذلك، أين هي السياسات العمومية التي تعِد في كل مناسبة بحماية البيئة وضمان استدامة الموارد الطبيعية؟

غابة العروك ليست مجرد مساحة خضراء؛ إنها ذاكرة أجيال ورئة تنفس المدينة وملاذ طبيعي للكائنات الحية. ومع ذلك، يبدو أن الجميع اختار التواطؤ بالصمت، وترك هذا الفضاء الطبيعي يُهمل إلى أن يتحول إلى أطلال.

الوضع الراهن يتطلب تدخلاً عاجلا وحاسما من السلطات المحلية والجهات المعنية، كما يستدعي صحوة ضمير جماعية. لا يكفي أن نرفع الشعارات في المؤتمرات والندوات، ولا أن ندرج أسماء الغابات في تقارير الأداء الحكومي. المطلوب اليوم هو تحرك ميداني فعلي: فرق عمل لتنظيف الغابة، خطط لإعادة تأهيلها، حملات توعوية موجهة للسكان، وقوانين صارمة تُجرم رمي النفايات ومخلفات البناء في الفضاءات الطبيعية.

نحن بحاجة إلى رؤية مشاريع واقعية على الأرض، لا مجرد وعود تُستهلك إعلامياً. نريد أن نرى الغابة تستعيد عافيتها، ونريد أن يشعر المواطن بأن هناك من يحمي بيئته ويدافع عن حقه في فضاء طبيعي نظيف وآمن.

أما الحديث عن الميزانيات المرصودة لحماية البيئة، فإن السؤال المطروح اليوم: أين ذهبت تلك الاعتمادات؟ هل صُرفت في مواضعها، أم تبخرت في دروب المحسوبية والتقصير الإداري؟

غابة العروك في حاجة إلى من ينتصر لها، إلى من يؤمن بأن البيئة ليست ترفاً بل ضرورة حياتية. إنها مسؤوليتنا جميعاً: سلطات، جمعيات، إعلام، مواطنون. فلا نترك هذا الكنز البيئي يتحول إلى جرح مفتوح في جسد اليوسفية.

لقد آن الأوان للتحرك. فكل يوم تأخير يُفاقم الكارثة، ويُقرب الغابة من نقطة اللاعودة. فلنجعل من غابة العروك نموذجاً وطنياً في الاستصلاح البيئي، ولنجعل من هذه القضية البيئية أولويتنا الجماعية.

شارك المقال
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة