محمد الحجوي
بعد مرور أكثر من 15 سنة على انطلاق مشروع “القطب الحضري البدر” الذي أطلقه الملك محمد السادس عام 2014 بغلاف مالي يقدّر بـ610 مليون درهم، لا تزال آلاف الأسر تنتظر استلام بقعها السكنية أو التجارية، رغم إتمام أغلب المستفيدين للدفع لاستحواذها.

المستفيدون أعلنوا، منذ حوالي اسبوع اعتصاما مفتوحا أمام وكالة العمران بقلعة السراغنة، احتجاجا على استمرار سياسة التماطل وعدم الاستجابة لحقوقهم الأساسية؛ رغم أن عدّة شكايات قدّمت خلالها شكايات إلى الجهات الحكومية، وحتى البرلمان، دون جدوى تُذكر .
يُفيد المتضررون بأنهم دفعوا مبالغ مالية كبيرة أو كاملة لقاء بقع لم يُسلمها لهم المشروع، بينما يعيشون في أوضاع اجتماعية مقلقة، وبعضهم يستأجر منازل بعدما باعوا “قوت أولادهم” لشراء هذه البقع، على أمل السكن اللائق الذي طال انتظاره. ومثّل الاعتصام رسالة واضحة: “نحن لا نركب على الوعود، بل نطالب بحقنا في السكن.”
من جانبه، اعتبر حزب فاعلون سياسيون بإقليم قلعة السراغنة أن ما وقع مرتبط بتراكمات أخطاء التدبير الحكومي والإقليمي؛ مستغربين “كيف يُترك مشروعٌ وطني لعقود دون أن يُفضي إلى النفع المعلن” ومطالبين بتدخل عاجل عبر تحقيق شفّاف ومحاكمة المسؤولين عن تأخر المشروع لما يهدد السلم الاجتماعي المحلي.
وتُبرز معطيات المشروع أن “البدر” كان مفترضا أن يوفر حوالي 3330 بقعة سكنية و96 تجارية و24 مرافقا عمومية على مساحة 132 هكتارا بفضاء المربوح بعد الحصول على رخصة البناء عام 2009 وبدء التسويق منذ 2010، غير أن توقف التنفيذ منذ سنوات خلق أزمة ثقة بين السكان ومؤسسة العمران.
الاعتصام المفتوح أمام المؤسسة ليس وليد لحظة، بل نتيجة تراكمات مريرة، خصوصا مع تنامي الإحساس بأن العمران تتبع “سياسة الأذن الصماء” تجاه الشكايات والاحتجاجات. فالمتضررون لا يطلبون صدقة، بل يُطالبون بحقوقهم التي دفعوا ثمنها نقدا وانتظارا. ومقابل كل يوم يمرّ دون حل، تتآكل الثقة في المؤسسات، وتترسخ قناعة بأن “العمران” لم تعد عنوانا للإنجاز، بل باتت وجها بيروقراطيا يعيد إنتاج الفشل.
السؤال الذي يجب أن يُطرح على طاولة المسؤولين: من يحاسب شركة العمران؟ ومن يحمي المواطنين من تغوّل مؤسسات تابعة للدولة تُفترض أنها خُلقت لتُسهّل لا لتعقّد؟ وهل المشاريع الملكية أداة للتنمية فعلا، أم مجرد شعارات تُعلّق في الافتتاح وتُنسى عند أول مطب؟














