العنصرية القاتلة.. عندما يتحول حلم المغاربة في إسبانيا إلى كابوس

محمد الحجوي

في ظل صمت عالمي مريب، يتعرض المغاربة في إسبانيا لموجات عنف عنصري مروعة، تصل إلى حد الاعتداءات الجسدية وحرق المساجد وتدنيس المقدسات. هذه ليست قصصا من الماضي، بل واقعا يعيشه آلاف المغاربة كل يوم، وسط تجاهل مؤسف من السلطات والمجتمع.

يحمل المغاربة معهم أحلاما بسيطة عند هجرتهم إلى إسبانيا: عمل لائق، حياة كريمة، مستقبل أفضل لأبنائهم. لكن ما يجدونه غالبًا هو نظرات مليئة بالكراهية، كلمات جارحة، وأحيانا اعتداءات وحشية. العنصرية هنا ليست شعارات، بل ممارسات يومية في الشوارع والمدارس وأماكن العمل، وحتى في أروقة المؤسسات الرسمية.

رغم سنوات من العيش والكدح في إسبانيا، لا يزال المغاربة يعاملون كـ”دخلاء”. طفل يتعرض للتنمر لأن اسمه عربي، امرأة تُهان بسبب حجابها، شاب يُرفض في الوظيفة لأن اسمه “محمد”. حتى الذين ولدوا في إسبانيا وتحدثوا لغتها بطلاقة، يُواجهون بسؤال مهين: “من أين أنت حقًا؟”.

في الآونة الأخيرة، تصاعدت الاعتداءات العنصرية ضد المغاربة، بعضها تم توثيقه بكاميرات المراقبة، والبعض الآخر ظل طي النسيان بسبب خوف الضحايا أو عدم ثقتهم في العدالة. الأكثر إيلامًا هو صمت المجتمع الإسباني، وتبرير البعض للعنف بكلمات قاتلة مثل: “لابد أنه استفزهم”، أو “ربما كان غير قانوني”.

المغاربة ليسوا عابرين في إسبانيا، بل هم جزء أساسي من نسيجها الاجتماعي والاقتصادي. يعملون في أصعب المهن، يبنون البلاد، يدفعون الضرائب، ويساهمون في نهضتها. لكن في المقابل، تُنتهك كرامتهم يوميًا، وتُسحق أحلامهم تحت وطأة الكراهية.

العنصرية لا تقتل بالرصاص فقط، بل بالإهمال، بالاحتقار، وبالتهميش المتعمد. طفلة تُنعت بـ”القردة” في المدرسة، عامل يُضرب لأنه “أجنبي”، مسجد يُحرق لأن أصحابه يصلون فيه. هذه جرائم لا يمكن السكوت عنها.

حان الوقت لوقف هذه المهزلة. المغاربة لا يريدون شفقة، بل يطالبون باحترام حقوقهم الإنسانية. لا يحتاجون إلى مجاملة، بل إلى عدالة حقيقية. كرامتهم ليست سلعة، ووجودهم ليس جريمة.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*