عمر السالكي والتقليل من احترام حدث مرتبط بعيد العرش المجيد!!!

Admin2429 يوليو 202512 مشاهدة
عمر السالكي والتقليل من احترام حدث مرتبط بعيد العرش المجيد!!!

تعد الرمزية البروتوكولية جزءا أصيلا من منظومة الدولة الحديثة، حيث لا تنحصر مسؤولية المسؤولين العموميين في ما يصدر عنهم من قرارات وخطابات فقط، وإنما يمتد ليشمل طريقة تمثيلهم للمؤسسات التي ينتمون إليها من خلال السلوك، الهيئة والمظهر داخل الفضاء العمومي، ويتجلى هذا المعطى بوضوح خلال المناسبات الرسمية ذات الحمولة الرمزية والسياسية، كما هو الحال في احتفالات عيد العرش المجيد، التي تعد من أبرز اللحظات الوطنية الدالة على استمرارية الدولة وتجذر المؤسسة الملكية في الوجدان الجماعي المغربي، وفي هذا السياق، أثار ظهور السيد عمر السالكي رئيس مقاطعة جليز بدون سترة البدلة الرسمية خلال حفل تدشين المكتبة الوسائطية الكدية بمقاطعة جليز، تساؤلات متعددة تتجاوز الظاهر لتطال الأسئلة العميقة حول موقع الرمزية في تدبير الفضاء العمومي وحدود الحرية الشخصية للمسؤول في مقابل متطلبات الانضباط المؤسسي.

الفضاء العمومي كما يؤطره الفكر السياسي الحديث، ليس فقط ساحة للتفاعل الاجتماعي أو التدبير العمومي، بل هو أيضا مسرح لتجليات الدولة، حيث يعاد إنتاج صورتها وهيبتها داخل الوعي الجماعي من خلال التفاصيل الصغيرة كالبروتوكول واللباس واللغة الجسدية، ومن هذا المنظور فإن اللباس الرسمي للمسؤول لا يختزل في بعده الجمالي أو الوظيفي، ولكن يعد لغة رمزية مشحونة بالدلالات السياسية والمؤسساتية تعكس مدى التزام الشخص بمكانته ووعيه بثقل الموقع الذي يشغله، فحين يمثل مسؤول منتخب هيئة عمومية في مناسبة رسمية فهو لا يحضر بشخصه فقط وإنما يمثل الدولة أو على الأقل جزءا منها، وهو مسؤول عن القول أو بالفعل و الصورة التي يظهر بها.

في السياقات ذات الرمزية الوطنية، كالاحتفال بعيد العرش المجيد أو تدشين مشاريع عمومية التي تنظم في ظله، يصبح الشكل حاملا لمعنى أعمق ويصير احترام البروتوكول جزءا من التعبير الرمزي عن الانتماء للدولة والالتزام بمؤسساتها، وفي هذا الإطار فإن غياب سترة البدلة عن رئيس مجلس مقاطعة جليز وإن بدا أمرا بسيطا في الظاهر فإنه يقرأ رمزيا باعتباره تجاوزا كبيرا وخللا في هندسة صورة المسؤول وتراجعا فادحا عن واجب التعبير عن الجدية والهيبة اللتين تتطلبهما اللحظة الرسمية، فالأمر لا يتعلق إذن بمظهر فردي أو خيار شخصي بقدر ما يرتبط بالسياق الذي يفترض فيه أن تكون صورة المسؤول امتدادا لهيبة الدولة.

الواقع أن المظهر الخارجي لا يقل أهمية عن مضمون الخطاب أو فعالية الأداء، خصوصا في مجتمعات تتشكل فيها صور الهيبة والانضباط من خلال التفاصيل، حيث يعد اللباس الرسمي أحد عناصر بناء الثقة في المؤسسات، فالمواطن في تقييمه للمسؤول لا يحتكم فقط لما يقوله أو ينجزه، وإنما كذلك لما يوحي به حضوره وجديته واحترامه للمناسبات الرسمية، ومراعاته للبروتوكولات التي تمثل إحدى البنى غير المعلنة لرمزية المؤسسات، من هنا فإن غياب الالتزام بالمظهر الرسمي في لحظة كبيرة لا يفسر كتصرف معزول وإنما كعلامة على ضعف الوعي بحدود المسؤولية التمثيلية.

إن ما وقع خلال تدشين المكتبة الوسائطية بمراكش لا ينبغي النظر إليه كحادثة عرضية ولكن كحالة تستدعي التأمل في علاقة الفاعل السياسي بالمؤسسة وفي ضرورة ترسيخ ثقافة الانضباط الرمزي وخاصة لدى المنتخبين المحليين الذين غالبا ما يهملون هذا الجانب ظنا منهم أن الشرعية التمثيلية تعفيهم من متطلبات البروتوكول، والحال أن الديمقراطية لا تعني التسيب ولا تمنح الحق في تجاوز الرمزية التعبيرية، ولكن تحمل الفاعل مسؤولية مزدوجة: خدمة المواطن، وتمثيل المؤسسة بما يليق بمكانتها، وإذا كانت الدولة تبنى بالقوانين والبرامج فإن صورتها تصان بحسن المظاهر .

شارك المقال
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة