الحجوي محمد
في قلب إقليم قلعة سراغنة، تقبع مدينة تملالت الصغيرة، التي تربط بين مدينتي مراكش وفاس عبر الطريق الوطنية رقم 8. ورغم موقعها الاستراتيجي، تعاني هذه المدينة من نقص حاد في الخدمات الأساسية، أبرزها غياب الصيدليات التي تعمل خلال الليل، مما يضطر السكان إلى مواجهة أصعب اللحظات الصحية دون أي حلول طارئة.
مع حلول الظلام، تتحول شوارع تملالت إلى مسرح للقلق، حيث يجد المرضى أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه. ففي حالات الطوارئ الصحية التي تستدعي الحصول على أدوية أو مستلزمات طبية عاجلة، لا يملك السكان أي خيار سوى السفر لمسافات طويلة نحو مدن مجاورة مثل قلعة سراغنة أو انتظار شروق الشمس لفتح الصيدليات المحلية. هذه المعاناة تزداد حدتها خلال فصول الشتاء، حين تصعب التنقلات ليلاً بسبب الأحوال الجوية وتقلص وسائل النقل.
سكان المنطقة يعبرون عن استيائهم من هذا الوضع، خاصة أن المدينة تشهد نمواً ديموغرافياً ملحوظاً في السنوات الأخيرة. فبحسب أحد المواطنين، “الليل هنا يتحول إلى كابوس عندما يصاب أحد أطفالنا بالحمى أو يتعرض كبار السن لأزمة صحية. لا توجد أي صيدلية مفتوحة، ولا حتى خدمة استدعاء صيدلي في حالات الطوارئ”. آخرون يشيرون إلى أن السلطات المحلية لم تبذل أي جهد لحل هذه المشكلة، رغم تكرر الشكاوى والمطالبات.
من جانبها، تبرر المصادر الرسمية هذا الغياب بعدم توفر الصيادلة الراغبين في العمل بنظام المناوبة الليلية، إضافة إلى عدم وجود طلب كافٍ يُبرر فتح صيدليات ليلية في مدينة صغيرة مثل تملالت. إلا أن هذا التبرير لا يقنع السكان، الذين يؤكدون أن الحاجة إلى هذه الخدمة أصبحت ملحة، خاصة مع تزايد عدد الحوادث المرورية على الطريق الوطنية المجاورة، والتي تتطلب تدخلاً طبياً سريعاً.
وفي ظل غياب الحلول الفورية، يلجأ بعض السكان إلى تخزين الأدوية الأساسية في منازلهم، بينما يعتمد آخرون على العلاجات الشعبية كحل مؤقت. لكن هذه الإجراءات تبقى غير كافية في حالات الأمراض المفاجئة أو الإصابات الخطيرة. ويطالب المجتمع المحلي بضرورة تدخل وزارة الصحة والسلطات الإقليمية لتوفير صيدلية ليلية واحدة على الأقل، أو إنشاء نظام طوارئ صيدلاني يعمل خلال ساعات الظلام.
تملالت، المدينة الهادئة التي تختزن بين جنباتها تاريخ عريق وطبيعة خلابة، تستحق أن تحظى بخدمات صحية لائقة، تضمن لسكانها حقهم في العلاج والرعاية في أي وقت. فهل تتحرك الجهات المعنية لإنهاء معاناة هؤلاء، أم سيستمر الليل هنا بلا أمل؟















