تشكل الصناعة التقليدية جزءا لا يتجزأ من التراث الثقافي لأي بلد. وقد تضرر هذا القطاع الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالنشاط السياحي، بشدة بسبب الأزمة الصحية وغياب السياح من مختلف أنحاء العالم. وللحد من تداعيات ذلك والحفاظ على هذا التراث اللامادي، برزت العديد من المبادرات.
وهكذا، أطلقت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، مؤخرا، حملة مبتكرة تحت اسم (# Art-is-ana )، لتثمين مؤهلات الصناعة التقليدية المحلية وتشجيع المغاربة على دعم إنعاش هذا القطاع عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي هذا الصدد، لكن ضمن بُعد أوسع، تم تطوير منصة “Africa e-shopping” (إفريقيا للتسوق الإلكتروني) لمساعدة الصناع التقليديين الأفارقة على مواجهة الأزمة والعمل على تثمين والنهوض والحفاظ على الصناعة التقليدية التي تحمل علامة “صُنع في إفريقيا”، وهي طريقة أخرى للاستفادة من الإمكانات التي تتيحها الرقمنة (التجارة الإلكترونية) لإنقاذ مقاولات الصناعة التقليدية.
وبهذا الخصوص، قالت السيدة أمينة التمالي، مؤسسة المنصة، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “الوضع الصحي وآثاره على السياحة في إفريقيا والمغرب كان لهما بالغ الأثر على نفسيتي، لذلك انكببت على مشروع إحداث منصة رقمية تمكن من تثمين منتجات الصناعة التقليدية الإفريقية”.
وأبرزت هذه الشغوفة بالإبداع الإفريقي، أن الموقع الذي يعد واجهة رقمية حقيقية للصناعة التقليدية التي تحمل علامة “صُنع في إفريقيا”، يقترح مجموعة متنوعة من الإبداعات والمنتجات الأصلية، عبارة عن ملابس تقليدية، ومجوهرات، وأحذية تقليدية (البلغة)، وزرابي، وحلي، ومستحضرات تجميل طبيعية وغيرها من المنتجات التي تستهوي عشاق الصناعة التقليدية.
وأوضحت المقاولة الشابة ، المختصة في التسويق الرقمي والتي قضت ثماني سنوات في منطقة غرب إفريقيا، أنه بالإضافة إلى كونها “نشاطا تجاريا” ، فإن الهدف من المنصة هو قبل كل شيء إعطاء الفرصة لمختلف الصناع التقليديين الأفارقة لخلق جسور تواصل بينهم وبالتالي تشكيل مجموعة متضامنة تسهر على تثمين والحفاظ على الصناعة التقليدية الإفريقية.
وتابعت السيدة أمينة التمالي أن “Africa e-shopping” عبارة عن منصة غير مسبوقة لأنها ، على عكس المنصات الموجودة حاليا، تعزز مكانة المغرب باعتباره القلب النابض للصناعة التقليدية الإفريقية، ذلك أن “المملكة قدمت الكثير لإخوانها الأفارقة في مجال الابتكار والحفاظ على الصناعة التقليدية”.
وأضافت أن هذه المنصة ذات الطابع الإفريقي ، التي تم إطلاقها في 20 فبراير 2021 ، تضم حاليا “حوالي خمسة عشر صانعا تقليديا موزعين بين مدغشقر والسنغال وكوت ديفوار والغابون والمغرب مرورا بفرنسا”. وستتم قريبا إضافة المزيد من المبدعين والدول الإفريقية.
وتعتمد المنصة أيضا على الجمعية الفرنسية “Yes we African” ، التي تهدف إلى القيام بمبادرات حشد الدعم من أجل تثمين المهارات الإفريقية.
ونتيجة لذلك ، تمثل الرقمنة نفسا جديدا للصناعة التقليدية، حيث تضطلع المنصات والمبادرات مثل “Africa e-shopping” بدور حيوي في التعريف بالمبدعين والحفاظ على التراث الثقافي وتثمين التنوع الثقافي الإفريقي.