الغلوسي: مراكش تحتل المراتب الأولى في قضايا جرائم الأموال وتأخير المحاكمة يساهم في هدر الزمن ويفقد المساطر القضائية روحها.

أفرد تقرير رئاسة النيابة العامة لسنة 2020 حيزا لجرائم المال العام ضمن المحور الثالث من التقرير تحت عنوان : “تخليق الحياة العامة وحماية المال العام”. وضمن هذا المحور تم وضع جدول يشير إلى عدد الشكايات التي لازالت في طور البحث التمهيدي وتلك التي أحيلت على التحقيق، فضلا عن القضايا الرائجة أمام غرف الجنايات الإبتدائية والإستئنافية ، ويهم الأمر في هذه القضايا ذات الصلة بجرائم المال العام والرشوة متى تجاوزت المبالغ المبددة أو المختلسة أو قيمة الرشوة مبلغ 100000 درهم ، محاكم الاستئناف بالرباط والبيضاء وفاس ومراكش والتي أسند لها الإختصاص للبت في هذه القضايا
والملاحظ من خلال الجدول أن محكمة الإستئناف بمراكش تحتل الصدارة من حيث عدد القضايا التي لاتزال في طور البحث التمهيدي (266 قضية) متبوعة بمحكمة الإستئناف بالرباط (255قضية)، ثم محكمة الإستئناف بالدار البيضاء (121قضية)، وأخيرا محكمة الإستئناف بفاس (78قضية).

يلاحظ إذن من خلال هذه المعطيات، أن سير البحث التمهيدي وأمده يختلف من محكمة إلى أخرى، إذ يبدو أن الشكايات قيد البحث التمهيدي وتحت إشراف النيابة العامة لدى محكمة الإستئناف بمراكش تحتاج إلى تدخل وطبقا للقانون من طرف الوكيل العام للملك للتعجيل بإنجاز البحث التمهيدي في قضايا الفساد المالي المعروضة على محكمة الإستئناف بمراكش، خاصة وأن هناك قضايا استغرقت وقتا طويلا في البحث التمهيدي لدى الشرطة القضائية المختصة.


وعلى خلاف الشكايات التي لازالت في طور البحث التمهيدي فإن محكمة الإستئناف بمراكش، وفي الشق المتعلق بالتحقيق في جرائم الفساد المالي، تحتل المرتبة الأولى من حيث المنجز، وبلغ عدد القضايا التي لاتزال في طور التحقيق لدى قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال (65 قضية فقط ) تليها محكمة الإستئناف بالرباط (79 قضية فقط )ومحكمة الإستئناف بفاس (83 قضية )وهو مايفيد أن القضايا التي لاتزال معروضة على التحقيق أكبر من القضايا التي لاتزال قيد البحث التمهيدي (78 قضية )فيما بلغ عدد القضايا التي لاتزال معروضة على التحقيق بمحكمة الإستئناف بالدار البيضاء (97قضية) وهو رقم أقل من القضايا التي لاتزال في طور البحث التمهيدي (121قضية).


ولطالما نبهنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام إلى دور ومسوؤلية النيابة العامة في قضايا الفساد المالي، خاصة في الجانب المتعلق بالبحث التمهيدي والذي يخضع لإشرافها المباشر ، وهي مرحلة مهمة في مسار العدالة الجنائية ، لذلك من المفروض أن تنجز بالفعالية والجدية اللازمة وبالسرعة المطلوبة دون تسرع ودون تمطيط وتأخير ونحن واعون تماما بكل الصعوبات والإكراهات التي تعترض هذه المرحلة ،لكن تحقيق العدالة وسيادة القانون يتطلب عدم تأخير البحث القضائي لأمد غير معقول ، تأخير قد يساهم في هدر الزمن ويفقد المساطر القضائية روحها ومبتغاها السامي.