ارتفاع سعر المحروقات يجر انتقادات ضد الحكومة بسبب رفضها حماية المستهلك ومطالب بتجميد الضرائب لحين استقرار الأسعار.

أوضح مرصد العمل الحكومي إن الاقتصاد المغربي يعيش على وقع الزيادات المتتالية لأسعار المحروقات، وانعكاساتها المؤلمة على مختلف القطاعات الإنتاجية، وما خلفته من زيادة في أسعار مختلف المواد والمنتجات الاستهلاكية، التي باتت تثقل كاهل المواطنين، وتحد من قدرتهم على مواجهة هذه الأزمة.

وسجل المرصد في ورقة له أن أزمة أسعار المحروقات بالمغرب، ليست راجعة فقط للعوامل الدولية، بل إن مجموعة من القرارات والإجراءات التي راكمها المغرب طيلة سنوات، شكلت بيئة مناسبة لاستفحال هذه الأزمة، واشتداد وقعها وتأثيرها على النسيج الاقتصادي الوطني.

ومن جملة القرارات التي ساهمة في الأزمة الحالية، تحرير أسعار المحروقات، بدون أي استشراف مستقبلي أو تخطيط مسبق، أو وضع آليات حقيقية وواضحة للمنافسة بين مختلف الفاعلين في القطاع، و بدون أي مجهود للاستثمار في بنية التخزين، خاصة مع التخلص غير المبرر من مصفاة “لاسامير” لتكرير النفط، وفي ظل منظومة ضريبية غير متوازنة، مما جعل البلاد شبه عاجزة على مواجهة أي أزمة طارئة.

وسجل المرصد بإيجاب بعض التدابير الحكومية لمواجهة هذه الأزمة، والمتمثلة أساسا في التدخل الحمائي للناقلين ومنع اي انعكاس للزيادة على أسعار النقل في المغرب، بالإضافة إلى ضخ اعتمادات مالية إضافية بصندوق المقاصة للمحافظة على أسعار غاز البوتان.

ومقابل ذلك، أشارت الورقة إلى غياب أي تواصل واضح وصريح للحكومة فيما يخص أزمة ارتفاع المحروقات، واعتمادها على فرض الأمر الواقع لتبرير الزيادات، مع الربط الحصري للازمة بالسياق الدولي.

كما رصدت الورقة رفض الحكومة لأي إجراءات حمائية للمستهلك المغربي، و خاصة تلك المتعلقة بالمنظومة الضريبية للمحروقات، علما أن 40 في المئة من سعر المحروقات مشكل من الضريبة على الاستهلاك الداخلي والضريبة على القيمة المضافة.

وانتقدت عدم تدخل الحكومة لتنظيم المنافسة وتحديد هوامش الربح لدى الموزعين، و تساهلها فيما يخص شروط التخزين المنصوص عليها قانونيا، مع عدم وضوح مخططات الحكومة فيما يخص التوجهات المستقبلية، لتصحيح الوضعية التي خلقها تحرير أسعار المحروقات، والوضعية القانونية المتجاوزة لبيع وتوزيع المحروقات.

وأوصى المرصد الحكومة بمواصلة دعم المهنين عن طريق الوقود المهني، و تعزيز آليات المراقبة وتمكين الفاعلين الحقيقين من الوصول الى الدعم، مع تسهيل ولوج أرباب محطات الوقود للتمويلات البنكية، ومراجعة أو تجميد الضرائب المطبقة على المحروقات لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر في أفق استقرار أسعار المحروقات على المستوى الدولي.

كما دعا المرصد إلى العمل على حل مشكلة مصفاة المحمدية، وإلزام الفاعلين في قطاع المحروقات على الرفع من استثماراتهم في مجال التخزين، مع الخفض التدريجي للقيمة الضريبية المطبقة على المنتجات البترولية بما يسمح بتقوية القدرة الشرائية للمواطنين، فضلا عن تحسين شروط المنافسة بين مختلف الفاعلين في مجال المحروقات، وفرض آليات أكثر شفافية تضمن توازن الاسعار و الربح.

وإلى جانب ذلك، أوصت الورقة على المدى البعيد، بمواصلة تحسين وتجويد خدمات النقل العمومي، بما يمكن من خفض الاستهلاك الداخلي للمنتجات النفطية، مع تشجيع استعمال واقتناء السيارات الكهربائية، فضلا عن تنويع مصادر الطاقة، ومواصلة الاستثمار في الطاقات المتجددة كمصدر اساسي للاستهلاك الطاقي بالمغرب.