افتتحت اليوم الإثنين بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية ببنجرير، أشغال النسخة الثالثة من أسبوع العلوم حول موضوع “التعقيد”، وذلك بحضور أزيد من 60 باحثا من مختلف أنحاء العالم.
وانكب المشاركون في هذه النسخة، المنظمة من 20 إلى 26 فبراير الجاري بحرمي هذه الجامعة في بنجرير والعيون، على مناقشة مفهوم التعقيد، الذي يعتبر من المفاهيم أو الإشكاليات الموجودة والمتجلية في عدة ظواهر، من بينها على الخصوص، تسارع الوقت والتواصل المعمم وتحولاته، والترابط بين المجتمعات داخل المحيط الحيوي، والأسواق المالية والشبكات الرقمية، والاحتباس الحراري، وغيرها من الظواهر التي تشكل جزءا من علوم التعقيد.
وفي مداخلة تحت عنوان “تحدي التعقيدات في أوقات الأزمات”، قال الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي إدغار موران، إن “الأنظمة المعقدة هي تلك التي يصعب التنبؤ بمستقبلها ونتيجتها”، مبرزا أن “كل كائن هو نظام، إذ لا يمكن للمرء أن يفهم النظام إلا من خلال فهم العلاقة بين الكل والأجزاء.
وأوضح موران “نحن كأفراد جزء من المجتمع ولكننا في نفس الوقت كائنات عقلانية ومضللة وأنانية، ومستعدة لخدمة مصالح الآخرين على حساب رفاهيتنا”.
هذا التعقيد البشري يكشف عن نفسه خلال الأزمات، يضيف الفيلسوف الفرنسي، حيث تمزق هذه الأخيرة النظام الذي يسمح بقمع الفروقات، وتتدهور آلية التنظيم في أوقات الأزمات، مبرزا أن “النظام يتدهور ولا نعرف ما إذا كان سيعيد تكوين نفسه أو يحول نفسه أو يحل محل نفسه، أو ماذا سيحدث بالضبط؟
من جهته، أكد أستاذ الذكاء الاصطناعي بجامعة المقاصة ببيروت، حسان الغزيري، على أهمية هذا الحدث، بالنظر إلى أن موضوع “التعقيد” “يجسد أسلوب مختلفا إلى حد ما في التعاطي مع المسائل التي تواجهنا وعلى الخصوص الاحتباس الحراري ومكافحة التغيرات المناخية”، مشيرا إلى أن “هناك مكونات متعددة، وهي تتفاعل وتتحكم في بعضها البعض، وبالتالي فإننا نحاول فهم وإيجاد السبل للتحكم فيها وتوجيهها بطريقة معينة، بغية تفادي التفاعل بين المكونات الجزئية التي قد تؤدي إلى أمور جديدة تخالف التوقعات”.
وأشاد الغزيري في هذا السياق، بالمجهودات التي تبذلها المملكة المغربية ووعيها بأهمية وراهينة مثل هذه المواضيع، التي تعتبر أساسية ومهمة في ما يتعلق بالتغير المناخي، “كون العالم يعاني من أزمة مستفحلة وعميقة جدا تتعلق بكافة أوجه الحياة سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي والمناخي…، وهي ذات طابع شامل ولا تتعلق بمنطقة على حدة، وبالتالي فنحن بحاجة إلى أساليب وحلول ومفاهيم جديدة للتعاطي مع مثل هذه الأزمات”.
وتعرف نسخة أسبوع العلوم لهذه السنة مشاركة شخصيات بارزة من بينها، ستيفن ولفرام الذي سيتناول موضوع “أسس التعقيد وآثاره”، في حين سيناقش داني روبير دوفور ومحمد يلدريم والآن كرمان وبيير نويل جيرو ورضوان الطويل، موضوع التعقيد في الاقتصاد. وسيتحدث ديفيد شافالارياس ويوهان بولين عن البيانات والشبكات السامة”
وبالموزارة مع هذا التبادل العلمي، سيتم تنظيم معارض وتقديم مجموعة متنوعة من الكتب حول العلوم غير الخطية، كما سيتم التداول حول الأنشطة الثقافية ذات المنظور الفنى للموضوع عبر حفل حديث لجيوفاني بيلوتشي مكرس، بشكل أساسي، لبيتهوفن ورائعته “سوناتا هامر كلافييه”، وكذلك جوقة موسيقية بقيادة إكرام شعيري، وحفل لموسيقى كناوة لحميد قصري.