سيد الزوين بين العلم والجهل والمادة 64 من قانون الجماعات.


يبدو أننا أصبحنا نعيش في أرض غير أرضنا و زمن غير زماننا ، فما نشاهده مؤخرا لا يمت بصلة إلى عراقة المملكة المغربية الشريفة التي تضرب في جذور التاريخ والتي قامت على العلم وحب الوطن، وفي المقابل نبذت الرويبضين و عديمي المروءة ، هذه هي المملكة المغربية التي أنجبت علماء كبار حملوا رسالة نبيلة و أسسوا لها مدارس في كل ربوع المملكة ، و من بين هذه المدارس نجد مدرسة سيد الزوين القرآنية التي أسسها عالم رباني كبير وعالم وطني غيور على وطنه الولي الصالح محمد بن محمد بن علي الملقب بالزوين ، و يمتد عمرها إلى قرنين من الزمن و تخرج منها العديد من الفقهاء و الأدباء ، كما لعبت دورا كبيرا في محاربة الاستعمار و الحفاظ على ثوابت الأمة ، فحضيت بمكانة خاصة من جميع سلاطين وملوك المملكة المغربية ، كما لا زالت تخصص لها هبات ملكية عرفانا بالدور الكبير الذي تلعبه وتشجيعا لاستمرارها في نشر العلم لأن الأمم تبنى بالعلم و ليس بالجهل ، و حسبنا في ذكر مناقب هذه المدرسة العريقة و مؤسسها ما ذكرناه لأن لن نوفيهما حقهما ولو أطلنا الحديث عنهما ، ولأننا في موضوعنا هذا نحن في صدد الحديث عن الجهل وليس العلم ، الجهل الذي شاهده جميع المغاربة من خلال فيديو مصور من دورة جماعة سيدي الزوين ، الجماعة التي تدبر مصالح المواطنين ، الجماعة التي يجب أن يتوفر في أعضاءها المروءة و العلم وأخلاق القرآن إسوة بالمكان المتواجدة فيه ، الجماعة التي تعيش تهميشا ممنهجا ناجما على ضعف منتخبيها الذين مروا بها منذ عدة عقود ، الجماعة التي يجب أن تحظى بإلتفاتة خاصة من والي جهة مراكش أسفي وتدعم بمشاريع كبيرة و خاصة من طرف جهة مراكش أسفي و المجلس الإقليمي لعمالة مراكش ، تقديرا للتقدير التي تحظى به مدرستها القرآنية من الملك محمد السادس حفظه الله .


إن عدم تطبيق القانون يكرس لمنطق السيبة والبونية ، وماحدث في دورة جماعة سيد الزوين لا يجب أن يمر مرور الكرام ، بل يجب أن يترتب عن تلك الأفعال (الصبيانية البعيدة كل البعد عن الأخلاق السياسية ) الجزاءات المناسبة ، أولا من طرف الأحزاب السياسية التي زكت هؤلاء الأعضاء و ألبستهم ألوانها السياسية فجازوها بشجار صبياني بئيس والذي لا يشرف أحدا ، و خير جزاء لهم على تصرفهم غير المسؤول هو الطرد من الحزب حفظا لسمعة هذه الأحزاب التي يجب أن تختار منتخبيها بعناية فائقة بالاعتماد على الكفاءات العلمية بدل أصحاب الشكارة وبعض الأعيان الذين لا يجيدون لا الكتابة ولا القراءة ، نعم هؤلاء مع احترامنا لهم سيكسبون مقاعد سياسية للأحزاب ولكن هل سيحققون التنمية المنشودة ، وهنا يطرح سؤال : أي أهم مصلحة الوطن أم مصلحة الحزب ؟ ، نحن في سنة 2024 ميزانيات الجماعات يجب أن تدبر بعلم وحكمة وليس بجهل الذي سيؤدي حتما إلى فساد أخلاقي و مالي ..


إن القانون التنظيمي للجماعات الترابية سطره المشرع المغربي لكي تنزل مواده و فصوله على الجميع و ليس للاستئناس به، وهذا هو دور السلطة الترابية تحت إشراف السيد والي الجهة ، الذي يجب أن يسهر على تطبيق القانون ولا شيئا آخر ، فالمجالس الجماعية التي ساد بها البلوكاج السياسي و التنموي يجب أن تحل حسب القوانين الجاري بها العمل ، لأن في علم السياسات الحضرية هدر الزمن التنموي أقوى وأخطر على الدولة من هدر المال العام ، وكذلك الأعضاء الذين ربطوا مصالحهم الخاصة مع مصالح الجماعة يجب أن تفعل في حقهم المادة 65 من قانون الجماعات الترابية لا أن توضع ملفاتهم في ثلاجات الأرشيف.


أما حادثة دورة سيد الزوين، فهي تضر بأخلاقيات المرفق العمومي وهي أفعال مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل من توقير للمؤسسات الدستورية واحترامها، ويجب بذلك تفعيل المادة 64 من القانون التظيمي للجماعات الترابية في حقهم، حفاظا على هبة مؤسسات الدولة التي يقوم عليها دستور المملكة ، فالمغرب دولة الحق والقانون وسمعته يجب أن تحفظ من هذه الأفعال غير الأخلاقية .

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*