في خضم التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب، تواجه البنوك الوطنية تحدياً متزايداً يتمثل في تفاقم أزمة الديون المتعثرة، التي أصبحت تهدد استقرار الاقتصاد الوطني وتثير قلق الخبراء والمحللين.
وفقاً لأحدث التقارير، سجلت البنوك المغربية ارتفاعاً مقلقاً في حجم الديون المتعثرة للمقاولات والأسر، حيث تضاعف حجمها أكثر من مرتين خلال العقد الأخير لتصل إلى 98 مليار درهم. هذا الرقم الصادم يمثل 8.6 في المائة من إجمالي قروض البنوك، ويعادل حوالي 7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، مما يعكس مدى تأثير هذه الأزمة على مختلف القطاعات.
يُرجع الخبراء هذا الوضع إلى عدة عوامل متشابكة، من بينها تباطؤ النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة، وتأثير جائحة كوفيد-19 التي أثرت بشدة على العديد من المقاولات الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة وتراجع القدرة الشرائية للأسر. هذه الظروف دفعت العديد من الشركات والأفراد إلى العجز عن الوفاء بالتزاماتهم البنكية، مما زاد من حجم الديون المتعثرة.
تضع هذه الأرقام الاقتصاد المغربي في موقف حساس، حيث قد تؤدي إلى تقليص قدرة البنوك على تقديم قروض جديدة للشركات الناشئة والمستثمرين، ما يعرقل عجلة الاستثمار ويؤثر سلباً على النمو الاقتصادي. كما أن استمرار تزايد الديون المتعثرة قد يُضعف من ثقة المؤسسات المالية الدولية في القطاع المصرفي المغربي، مما قد يؤثر على تدفقات الاستثمار الأجنبي.
للتعامل مع هذا الوضع، يرى خبراء الاقتصاد ضرورة تبني مجموعة من الإجراءات العاجلة، مثل تحسين الإطار القانوني لتحصيل الديون، وتعزيز الدعم للمقاولات المتعثرة عبر برامج إعادة هيكلة شاملة. كما أن تنشيط القطاعات الإنتاجية، وتقديم حوافز للمستثمرين، قد يسهم في تقليل الضغط على الاقتصاد الوطني.
تظل أزمة الديون المتعثرة في المغرب تحدياً كبيراً، يتطلب تعاوناً وثيقاً بين الحكومة والقطاع الخاص والبنوك لوضع حلول فعالة تضمن تحقيق التوازن بين دعم الاقتصاد والحفاظ على استقرار النظام المالي. الوقت لا يزال سانحاً لتجنب الأسوأ، لكن الاستجابة السريعة باتت أمراً ملحاً.
Be the first to comment