بقلم: نور الدين بلحبيب
الكلمات تحمل قوة هائلة، فهي ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي أداة أساسية لبناء العلاقات ونجاح الأفراد، وبالتالي نجاح المجموعات والعائلات.
الحياة قائمة على العلاقات الإنسانية، سواء كانت علاقات دم وقرابة، أو علاقات مبنية على التفاهم والتوافق الفكري والمعرفي. في كلا النوعين من العلاقات، يُعد فن الحديث واختيار الكلمات بعناية المحرك الأساسي لاستمرارية هذه الروابط. الكلمة الطيبة قادرة على أن تحفز الإنسان، ترفع معنوياته، وتدفعه من قاع اليأس إلى قمة النجاح والثقة بالنفس.
مع ذلك، نجد أن الكثيرين يهملون هذا الجانب المهم، خاصة في العلاقات العائلية. يتعامل البعض مع الأقارب بطريقة تفترض أنهم “سيتقبلون أي شيء”، فنسمع عبارات مثل: “إنه فقط ابن عمي”، “هذا خالي”، أو “لا بأس، هو منا وسيتجاوز الأمر”. لكن هذه الطريقة تجرح المشاعر وتخلق فجوة في التواصل، حيث يتم التعامل مع الأقرباء وكأنهم لا يشعرون، بينما يتم الحرص على انتقاء الكلمات مع الأصدقاء والمعارف البعيدين.
نتيجة لذلك، تتراكم المشاعر السلبية وتتحول مع الوقت إلى كراهية أو صراعات عائلية. السبب ببساطة هو غياب فن اختيار الكلمات، وعدم القدرة على وضع أنفسنا مكان الآخر لفهم تأثير كلماتنا عليه.
فن الحديث ليس رفاهية، بل هو ضرورة يجب أن يُمارسها الجميع مع كل الفئات، سواء كانوا صغارًا أو كبارًا، أغنياء أو فقراء. الكلمات الطيبة ترفع الطاقات، وتبني العلاقات، وتجعل التواصل الإنساني أكثر دفئًا وإيجابية.
على سبيل المثال، بدلاً من أن تقول لشخص محبط: “أنت لا شيء”، قل له: “أنت قادر، وفيك الخير”. لاحظ كيف يمكن لعبارة بسيطة أن تُحدث فرقًا هائلًا. إذا قلت لشخص: “أنت بطل”، سترى كيف يزدهر ثقته بنفسه وتتغير حالته النفسية للأفضل.
لنأخذ مثالًا من بيئة العمل: إذا كنت مديرًا تجاريًا وتحدثت إلى فريقك بروح التحفيز وقلت: “لدينا فرصة لتحقيق أفضل صفقة. سنعمل معًا لتحقيق هذا الرقم، وبإذن الله ستكون النتائج مبهرة”، فإنك تحفز فريقك لتحقيق الأفضل. على النقيض، إذا استخدمت لغة التهديد وقلت: “إذا لم تحققوا الأهداف غدًا، ستكون هناك عواقب”، ستجد أن الروح المعنوية تنهار، والنتائج تصبح أقل بكثير من المتوقع.
في النهاية، نحن بشر نحتاج إلى كلمات تبنينا، لا كلمات تهدمنا. قوة الكلمة يمكن أن تحول المستحيل إلى ممكن، والأزمات إلى نجاحات. فلنغير طريقة حديثنا ولنحرص على أن تكون كلماتنا جسورًا نبني بها، لا معاول نهدم بها.
Be the first to comment