هل تحول الطلاق من تجربة حزينة إلى احتفال مبالغ فيه؟

عبد الهادي الفارسي

في السنوات الأخيرة، أصبح الطلاق يأخذ أبعادا مختلفة عما كان عليه سابقا، إذ لم تعد نهاية العلاقة الزوجية تقتصر على الحزن والأسى، بل باتت تُرافقها مظاهر احتفالية متزايدة، خاصة بين النساء، اللاتي بدأن يعبرن عن هذه اللحظة بأساليب متعددة قد تبدو مبالغًا فيها أحيانًا.

فقد انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لنساء يحتفلن بطلاقهن بطرق غير مألوفة، أحدثها كان لشابة مغربية نظمت حفلة مع صديقاتها تضمنت قالب حلوى زُين برمز يُشير إلى زوجها السابق، وظهرت وهي تقطع رأس هذا الرمز، في مشهد رمزي يعكس غضبها من تجربتها الزوجية السابقة.

هذا السلوك أثار جدلا واسعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي. البعض اعتبره تعبيرًا مشروعًا عن التحرر من علاقة غير سعيدة، فيما رأى آخرون أنه تصرف غير مقبول، يعزز مشاعر الكراهية ويدفع نحو التطرف في التعامل مع العلاقات الزوجية.

على الجانب الآخر، يمكن النظر إلى هذه الظاهرة من زاوية ثقافية. ففي بعض المناطق، مثل الأقاليم الجنوبية للمغرب، يُعد الاحتفال بالطلاق تقليدا اجتماعيا متجذرا، إذ يُقام استقبال حافل للمطلقة في بيت أهلها بالزغاريد ونحر الإبل وغيرها من الطقوس الاحتفالية. هذا النوع من الاحتفالات يُعبر عن احترام المجتمع للمطلقة وحفظ كرامتها، بل ويُعد إعلانا عن استعدادها لبدء حياة جديدة وربما الدخول في تجربة زواج أخرى.

بين المشروعية الاجتماعية لهذه الظاهرة في بعض الثقافات، ومظاهر المبالغة التي قد تحمل دلالات انتقامية، يبقى الطلاق قضية شخصية واجتماعية في آنٍ واحد. ومع اقتراب موعد إصدار مدونة الأسرة الجديدة، تتجدد التساؤلات حول الكيفية التي ينبغي أن تُعامل بها هذه الظاهرة، سواء من منظور قانوني أو ثقافي أو اجتماعي.

الاحتفال بالطلاق قد يكون انعكاسا لحاجة المرأة للتعبير عن ذاتها واستعادة حريتها، لكنه أيضًا يدعو إلى التفكير بعمق في دورنا كمجتمع في دعم المطلقين والمطلقات على تجاوز هذه المرحلة بطريقة صحية وبعيدة عن المبالغة.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*