تعيش مدينة مراكش على وقع أزمة خانقة في قطاع النقل الحضري، حيث تتفاقم معاناة الساكنة يومًا بعد يوم بسبب ضعف الخدمات المقدمة من طرف شركة “ألزا” الإسبانية، التي تحتكر القطاع منذ سنة 1999 في إطار عقد التدبير المفوض. ورغم انتهاء مدة العقد سنة 2014، عمد المجلس الجماعي إلى تمديد الاتفاقية عدة مرات دون وضع رؤية واضحة لتحسين الخدمة، مما أدى إلى استمرار الوضع المتردي للنقل في المدينة.
وحسب ما كشفه فرع المنارة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فإن الاحتكار المستمر لشركة واحدة في قطاع النقل الحضري وشبه الحضري أدى إلى تهالك الأسطول وعدم مواكبة خطوط النقل للتوسع العمراني الذي تشهده المدينة. كما تعاني الحافلات من كثرة الأعطاب الميكانيكية، مما يتسبب في تعطيل مصالح المواطنين، والتأثير على مواعيد العمل والدراسة والعلاج، إضافة إلى الإضرار بالبيئة بسبب الانبعاثات الناتجة عن الحافلات القديمة.
وفي ظل ضعف خدمات النقل العمومي، يضطر المواطنون إلى البحث عن بدائل غير مهيكلة، مثل التريبورتورات، والناقلات الصغيرة، والدراجات النارية، مما يزيد من مخاطر السلامة ويعكس هشاشة القطاع وغياب سياسات ناجعة لحل الأزمة.
وأمام هذا الوضع، حملت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان – فرع المنارة مراكش، المجلس الجماعي للمدينة ومجموعة الجماعات الترابية “مراكش للنقل”، إلى جانب وزارة الداخلية، مسؤولية استمرار معاناة الساكنة مع النقل الحضري. كما استنكرت ما وصفته بـ”سياسة التبرير” التي تنتهجها السلطات للحفاظ على الوضع القائم، بدل اتخاذ إجراءات جادة لتحسين الخدمة وتوفير وسائل نقل حديثة تلبي احتياجات السكان.
وطالبت الجمعية بالكشف عن المخصصات المالية والامتيازات التي تحظى بها شركة “ألزا”، وإجراء افتحاص مالي لمعرفة مدى احترام الشركة لبنود دفتر التحملات، خاصة في ظل استمرار العمل بحافلات قديمة ومهترئة تجاوزت عمرها الافتراضي.
كم أكدت الجمعية رفضها لأي تمديد جديد للعقد مع “ألزا”، مطالبة بوضع حد لسياسة “الترقيع” والانتقال إلى نموذج نقل حضري حديث ومستدام، يراعي كرامة المواطنين ويوفر خدمة ذات جودة وبأسعار معقولة. كما شددت على ضرورة إعمال مبادئ الشفافية والمحاسبة في تدبير القطاع، واتخاذ إجراءات قانونية ضد أي اختلالات في تسيير وصرف المال العام.
وفي الوقت الذي تروج فيه مدينة مراكش كوجهة سياحية عالمية ومركز لاستضافة التظاهرات الدولية، تظل أزمة النقل الحضري نقطة سوداء تعكس غياب الإرادة السياسية لحل معاناة السكان، مما يطرح تساؤلات حول مدى التزام المسؤولين بحقوق المواطنين في الحصول على خدمات أساسية تحترم كرامتهم.















